مدير سوق دمشق للأوراق المالية لـ«إرم بزنس»: نعمل على ربط السوق بالمنصات العالمية للتداول.

بعد توقف دام لأشهر، أعادت بورصة دمشق فتح أبوابها أمام المستثمرين، في خطوة وصفها المدير التنفيذي للبورصة، باسل أسعد، بأنها «مدروسة واستراتيجية» تهدف إلى ضبط التداولات وتحسين البيئة الاستثمارية في البلاد.
وقال أسعد، في حديث خاص لـ«إرم بزنس»، إن قرار استئناف التداول لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة عمل تحضيري بدأ منذ اليوم الأول لتعليق التداولات. وأضاف: «كنا على عجلة من أمرنا لإعادة السوق إلى العمل، لكننا لم نرغب بتجاوز أي متطلبات فنية أو رقابية».
وأوضح أن البورصة حددت موعد العودة بعد تشكيل لجان مختصة من خبراء في القطاع، عملت على تحديد الإجراءات المطلوبة وضمان الشفافية الكاملة وحماية حقوق المستثمرين، مشيراً إلى أن السوق باتت جاهزة تقنياً وتنظيمياً للانطلاق مجدداً.
بورصة دمشق تتجه للربط الإقليمي والدولي
كشف المدير التنفيذي لبورصة دمشق، باسل أسعد، أن السوق يعمل حالياً على توسيع نطاق التعاون مع البورصات العربية والإقليمية، بهدف تحقيق ربط فعلي مع منصات التداول الدولية، وفتح المجال أمام دخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السوري.
وقال أسعد: «نحن أعضاء فاعلون ونشطون في اتحاد أسواق المال العربية، وكذلك في اتحاد البورصات الأوروبية والآسيوية (FEAS)، وبدأنا بالفعل بالتواصل مع عدد من البورصات في الدول العربية، خصوصًا تلك التي سبقتنا من حيث حجم السوق أو نضج الممارسات، مثل أسواق دول الخليج».
وأضاف: «نتعاون حالياَ مع عدد من المستشارين في القطاع، سواءَ من الداخل أو من الخارج، لتهيئة الأرضية الفنية والتشريعية اللازمة لربط سوق دمشق مع منصات إقليمية وعالمية. هذا الربط سيسهّل دخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السوري، ويتيح في الوقت ذاته انفتاح السوق على آفاق أوسع».
وأوضح أن هذه الجهود تأتي ضمن ورشة عمل أكبر تهدف إلى معالجة عدد من القيود السابقة، من بينها آليات تحويل الأرباح والعوائد، وتمكين المستثمر السوري من الوصول إلى الأسواق الخارجية، وكذلك السماح بدخول البورصة السورية إلى المنصات الدولية. وتابع: “بدأنا فعلياً بوضع الأسس لهذا المشروع، وقطعنا فيه خطوات مهمة، ونتوقع أن تظهر ثماره خلال فترة قريبة جداً».
تسعير الأسهم في ظل تقلبات سعر الصرف
وفي ما يخص تحديد السعر العادل للأسهم، أوضح أسعد أن السوق لا تتدخل في التسعير، بل تترك ذلك لآليات العرض والطلب. وعلّق: «السهم، شأنه شأن أي أصل مالي، يتأثر بتقلبات سعر الصرف، ما يؤدي إلى وجود فجوة في التوقعات حول السعر العادل».
وأشار إلى أن السوق لم يشهد تحديثاً للأسعار المرجعية منذ أكثر من ستة أشهر، وهي فترة شهدت تغيرات جوهرية في بيئة الأعمال، الأمر الذي يجعل من الضروري ترك السوق ليُعيد تشكيل أسعاره عبر تفاعل المستثمرين مع المعطيات الجديدة.
أدوات جديدة: صناديق استثمار وصكوك إسلامية
وفي إطار تطوير السوق، أكد أسعد أن بورصة دمشق تسعى إلى إدخال أدوات مالية جديدة، مشيراً إلى أن هذه العملية لا تتعلق بالرغبة المؤسسية فقط، بل ترتبط أيضًا بتحديث شامل للتشريعات.
وقال: «خلال الأشهر الماضية، أطلقنا ورشة عمل بالتعاون مع الجهات المعنية لتعديل وتطوير مجموعة واسعة من القوانين والأنظمة المالية، بهدف توسيع الأدوات المتاحة في السوق».
وأضاف: «نحن نرى أن صناديق الاستثمار باتت ضرورة ملحّة، خاصة للمستثمر الأجنبي الذي يرغب في إدارة أمواله عن بعد باستخدام أدوات مرنة وفعالة». وتابع: «كذلك لدينا مشروع الصكوك الإسلامية، وهو مشروع كان قيد الإنجاز والآن في مرحلة المتابعة».
وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد إدراج أدوات مالية جديدة، معرباً عن أمله في أن يبدأ إدراج صناديق الاستثمار خلال هذا العام، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا الأمر يتطلب موافقات تنظيمية وتشريعية، ولا يرتبط فقط بإرادة السوق.
تنسيق حكومي لتفعيل أدوات الدين
وحول التعاون مع الجهات الرسمية، أشار أسعد إلى وجود تنسيق فعّال مع وزارة المالية، والمصرف المركزي، وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، فيما يخص تطوير أدوات الدين وتنشيط سوق السندات.
وقال: «نعمل مع هذه الجهات على مراجعة التشريعات القائمة وتحديثها بما ينسجم مع تطور السوق، إذ هناك حاجة فعلية لإعادة النظر في عدد من الأنظمة».
وأوضح أن سندات الخزينة موجودة في السوق منذ نحو عامين، إلا أن التداول عليها لا يزال محدوداً، مضيفاً: «التوسّع في هذه الإصدارات أو تفعيلها بشكل أوسع يرتبط بالسياسات التمويلية للحكومة، لذلك من الصعب أن نقدّر نحن كسوق توقيت أو حجم التوسّع المتوقع، فهذه قرارات سيادية».
بيئة تداول منضبطة وإجراءات رقابية جديدة
وفي سياق إعادة تشغيل السوق، أوضح أسعد أن الإدارة اتخذت حزمة من الإجراءات الرقابية لضمان بيئة تداول منضبطة. وشملت هذه الإجراءات تقليص عدد أيام التداول من خمسة إلى ثلاثة أيام، وإيقاف الصفقات الضخمة مؤقتاً، بالإضافة إلى اشتراط نشر البيانات المالية وتقارير الحوكمة لعام 2024 قبل السماح بأي تداول.
وأضاف: «السوق باتت تملك أدوات رقابة تقنية متقدمة، تتيح لنا مراقبة التداولات عن بعد، بما يضمن الشفافية دون الحاجة إلى تدخل مباشر، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين».
مؤشرات الثقة في الجلسة الأولى
أوضح المدير التنفيذي لبورصة دمشق، باسل أسعد، أن السوق شهد من اليوم الأول للتداول مؤشرات قوية على عودة النشاط الاستثماري، سواء من قبل المستثمرين القدامى أو من القادمين الجدد. وقال في هذا السياق: «من خلال تواصلنا مع شركات الوساطة والمستثمرين، لمسنا منذ البداية حالة من الترقب الإيجابي، وتوقعنا تسجيل أرقام لافتة، وهو ما تحقق بالفعل».
وأضاف: «بعد توقف دام ستة أشهر، كان من الطبيعي أن يعود المستثمرون القدامى لممارسة نشاطهم، إلى جانب دخول مستثمرين جدد أبدوا اهتماماً واضحاً بشراء الأسهم».
وأشار إلى أن جلسة التداول الأولى سجلت حجم تداول بلغ 198 مليون سهم، رغم أن نصف الشركات المدرجة فقط شاركت في التداول بسبب بعض الإجراءات التنظيمية التي تم اعتمادها لضمان عودة تدريجية ومنضبطة، ما أدى إلى تأخر بعض الشركات أياماً قليلة عن الانضمام الفوري للسوق.
رسالة للمستثمرين: الفرصة في سوريا حقيقية
وفي ختام حديثه، وجّه باسل أسعد رسالة إلى المستثمرين السوريين والمغتربين والأجانب، قائلاً: «سوريا أمام مرحلة اقتصادية جديدة. هناك إشارات واضحة على الانفتاح، وعودة العلاقات، وتوجّه رسمي نحو اقتصاد السوق».
وأضاف: «البورصة ستلعب دوراً مركزياً في المرحلة المقبلة، سواء في تجميع المدخرات أو توجيهها نحو استثمارات إنتاجية من خلال الشركات المساهمة العامة. ونحن نعمل على تطوير أدواتنا التقنية والتشريعية لتكون السوق جاهزة لاستيعاب التوسّع الاستثماري المنتظر».