السوق العقاري يستعيد نشاطه.. تراجع اهتمام الجاليات يقلل الضغوط على أسعار الإيجارات

السوق العقاري يستعيد نشاطه.. تراجع اهتمام الجاليات يقلل الضغوط على أسعار الإيجارات

شهدت أسعار العقارات والإيجارات في مصر خلال السنوات الماضية ارتفاعات متتالية أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والشعبية.

ويُرجع كثير من المتابعين هذه الزيادات إلى عوامل متعددة، من بينها الإقبال الكبير من الجاليات السورية والسودانية على السكن والتجارة.

ومع عودة أعداد كبيرة من هذه الجاليات إلى بلادها مؤخرًا، عاد الحديث من جديد حول مستقبل السوق العقاري في مصر، خاصة في ظل المؤشرات الأولية لتراجع الإيجارات في بعض المناطق.

العودة تؤثر على الطلب

وفقًا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة، عاد أكثر من 122 ألف سوداني إلى بلادهم منذ مطلع عام 2025 نتيجة تحسن الأوضاع الأمنية في الخرطوم.

هذا التراجع في أعداد الوافدين ترافق مع انخفاض ملحوظ في الطلب على الإيجارات في مناطق مثل مدينة نصر والهرم و6 أكتوبر، وهي المناطق التي كانت تشهد رواجًا واسعًا من الجاليات الأجنبية.

رأي من الواقع.. أصحاب شقق يتحدثون

في جولة ميدانية لمحرر “الحرية” في حي الهرم، قال محمد فؤاد، مالك عقار مكوّن من 5 وحدات سكنية للإيجار: “كنت مأجر 3 شقق لعائلات سورية من 2021، وكلهم سافروا من كام شهر، نزّلت الإيجار حوالي 700 جنيه في الشقة علشان أقدر أجيب مستأجرين مصريين”.

وفي منطقة فيصل، أوضح مدحت عبد العظيم، أحد الملاك، أن بعض الشقق أصبحت تستغرق وقتًا أطول لتأجيرها مقارنةً بالسنوات السابقة: “قبل كده كنت بنَزّل إعلان، وألاقي 10 اتصالات في اليوم لكن دلوقتي الشقة ممكن تفضل أسبوع أو اثنين من غير ما حد يسأل”.

سمسار: تغيّر ملحوظ في حركة السوق

من جانبه، قال علي مصطفى، سمسار عقارات في منطقة العجوزة، إن السوق بدأ يهدأ منذ بداية 2025، خاصة في الوحدات الصغيرة والمتوسطة التي كان يُقبل عليها السودانيون والسوريون، قائلًا: “فيه تراجع واضح في الطلب، خصوصًا على الشقق اللي إيجارها من 2500 لـ 4000 جنيه، وبنشوف أصحاب الشقق بدأوا يخفضوا الأسعار أو يزودوا التسهيلات علشان يلاقوا مستأجرين”.

وأشار مصطفى، إلى أن بعض المستثمرين الذين اشتروا وحدات بغرض التأجير بدأوا يفكرون في البيع لتقليل الخسائر، مما قد يزيد المعروض في السوق ويؤثر على الأسعار في المدى القريب.

آراء الخبراء.. تراجع مؤقت

في السياق ذاته، أكد المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، في تصريحات صحفية، أن خفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي بنسبة 2.25% سيكون له تأثير إيجابي على قطاع العقارات، إذ يتيح تمويلًا أرخص، ويخفف أعباء الديون، ما يدعم قدرة المستثمرين على التوسع.

كما أشار المهندس محمد البستاني، أحد خبراء التطوير العقاري، إلى أن عودة بعض الجاليات قد تؤدي إلى تراجع الطلب في بعض المناطق الشعبية، لكن التأثير لن يكون عامًا، مضيفًا:“السوق العقاري المصري قائم بشكل أساسي على الطلب المحلي، خاصة مع النمو السكاني الكبير”.

معضلة الوحدات المغلقة

تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، تمثل 29% من إجمالي الوحدات السكنية، ما يكشف عن فجوة بين العرض والطلب لا تتعلق فقط بزيادة السكان أو الطلب الخارجي، بل بسوء التوزيع وعدم استغلال الموارد العقارية بشكل فعال.

وتتوزع هذه الوحدات بين مساكن مملوكة لأشخاص يقيمون في أماكن أخرى، أو تم غلقها بسبب الهجرة، أو عدم استكمال التشطيب، ويرى البعض أن إعادة ضخ هذه الوحدات في سوق الإيجارات يمكن أن تمثل فرصة لضبط الأسعار وتوفير مساكن بأسعار مناسبة للطبقات المتوسطة.

كما يرى متابعون أن السوق العقاري في مصر قد يشهد تراجعًا نسبيًا في الأسعار، خاصة في المناطق التي كانت تشهد إقبالًا مرتفعًا من الجاليات الأجنبية.

ومع ذلك، فإن قوة الطلب المحلي، إلى جانب التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع أسعار مواد البناء، ستظل عناصر ضاغطة تمنع حدوث انخفاض كبير أو شامل.

وزير الإسكان: متابعة حثيثة لمشروعات المرافق في العبور الجديدة لتحقيق التنمية المستدامة