“الدستور” تكشف تفاصيل المرحلة الأكثر حساسية التي وصل إليها رئيس الوزراء في منجم السكرى.

في قلب صحراء مصر الشرقية، وتحديدًا على أرض مدينة مرسى علم، هناك حكاية من نوع خاص لا يعرفها إلا من وطأت قدماه بوابات منجم السكري للذهب، حيث يقبع أحد أعظم الكنوز المدفونة تحت رمال الوطن، منجم الذهب تحت الأرض، هو قصة نادرة تروي فصلًا جديدًا من تاريخ مصر في استكشاف الثروات وصناعة الأمل في قلب الصخور الصماء.
كواليس زيارة رئيس الوزراء لـ«منجم السكري»
«الدستور» يكشف تفاصيل ما دار وما شاهده رئيس الوزراء، وما لا يعرفه الكثيرون عن منجم الذهب تحت الأرض بالسكري.
زيارة تاريخية تؤكد أهمية الكنز المدفون
والآن ازدادت أنظار الدولة نحو هذا المنجم الأسطوري مع الزيارة الأولى من نوعها التي قام بها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يرافقه المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، وعدد من قيادات الوزارة.
بدأت الزيارة بمحاضرة تعليمات صارمة لضمان سلامة الجميع قبل الدخول في قلب المنجم، حيث تُطبق قواعد السلامة المهنية بدقة شديدة، هنا، يُمنح كل زائر بطاقة تعريف تحمل اسمه ووظيفته، وتوضع في لوحة معلقة على بوابة النفق، ويمنع النزول مطلقًا لأي شخص دونها، حرصًا على الأرواح وسلامة العاملين والزوار، المخالفة هنا ليست مجرد خطأ إداري، بل فصل فوري من العمل حفاظًا على حياة الجميع.
رحلة إلى أعماق 500 متر تحت سطح الأرض
المشهد داخل المنجم لا يشبه أي مشهد آخر، نفق أسمنتي عريض يتفرع منه العديد من الأنفاق الجانبية، وأضواء خافتة تلمع فوق خوذات العمال، وصوت المعدات الثقيلة يعلو على كل الأصوات، الهواء يصل إلى الأعماق عبر أنابيب ضخمة تمتد بطول النفق، فيما يتبع الجميع مسارات مرسومة بدقة ولافتات إرشادية تحدد طرق الهروب في حالات الطوارئ.

قبل النزول، يُسلم لكل شخص جهاز للتنفس يمكن استخدامه لمدة 30 دقيقة عند حدوث أي خلل أو طارئ، بالإضافة إلى كشاف فوق الخوذة، ويُدرب الجميع على لغة الإشارة الضوئية المستخدمة داخل الأنفاق حيث لا صوت يعلو فوق صوت الأمان.

تتم عمليات التفجير داخل الأنفاق لإزاحة الصخور، بعد التأكد الكامل من خلو الموقع من أي شخص، المعدات الثقيلة لها الأولوية في المرور، وعلى الجميع الدخول في أنفاق جانبية عند قدومها، بينما تراقب كاميرات السلامة كل شبر لضمان التزام الجميع بالقواعد التي تعد قانونًا لا يمكن تجاوزه.
حكاية إنتاج الذهب من أعماق الصخور
ليس سهلًا أن تصل إلى الكنز المدفون؛ فعمق الحفر تحت الأرض يصل إلى نحو 500 متر من سطح الأرض، وهو ما يتطلب خبرة هندسية عالية وتكلفة باهظة، تُستخدم طرق متطورة لتحديد أماكن الخام بدقة، ويُستخرج الذهب من أطنان الصخور التي تُنقل بعناية إلى وحدات التكسير والمعالجة، ليخرج منها المعدن النفيس الذي يُمثل أملًا لمصر في تعزيز ثروتها من الذهب وتحقيق طفرة في الاقتصاد القومي.

منجم السكري… أيقونة صناعة الذهب في مصر
منجم السكري، الذي تديره شركة «أنجلو جولد أشانتي» العالمية بالشراكة مع الحكومة المصرية، هو أحد أكبر مناجم الذهب تحت الأرض في العالم، ويمثل نموذجًا متكاملًا للتكنولوجيا والسلامة والالتزام البيئي، حيث يتجاوز إنتاج المنجم 450 ألف أوقية ذهب سنويًا، ويعتمد بشكل متزايد على استخراج الذهب من الطبقات العميقة تحت الأرض، ما يفتح آفاقًا جديدة لاستدامة الإنتاج لعقود مقبلة.
زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إلى منجم السكري، وتفقده شخصيًا إجراءات السلامة والتكنولوجيا المستخدمة، رسالة واضحة بأن الدولة المصرية تضع كنوزها المدفونة في قلب أولوياتها التنموية، لم تعد الثروات المعدنية مجرد أرقام في التقارير، بل أصبحت واقعًا حيًا يشهده الجميع، وكنزًا قوميًا يستحق أن نفخر به وأن نحميه وأن نستثمر فيه لصالح أجيال المستقبل.