وفاء المتميزة: ‘أعمالي اليدوية تجوب العالم بدلاً مني’

شاء الله أن تصاب وفاء عامر، ابنة أسوان، بمرض ضمور العضلات، وهى طفلة لم تكمل عامين، كبرت وتركت التعليم فى المرحلة الإعدادية، وأصبح الكرسى المتحرك رفيق حياتها، لكنها لم تستسلم، وآمنت بأن الله خلقها لسبب، وأثمر إصرارها عن تعلم صناعة المشغولات اليدوية، فأبدعت فى هذا المجال، وأصبح ما تنتجه بيديها يجوب العالم باسم مصر.قالت «وفاء»، لـ«الدستور»: «بعد إصابتى بهذا المرض، حاولت أن أستمر فى التعليم قدر الإمكان، لكن الأمر أصبح مستحيلًا فى المرحلة الإعدادية، ومع ذلك، لم أشعر باليأس، وأحسست بأن الله عوضنى ما فقدت بمهارة كبيرة فى استخدام يدىّ، وحلمت بأن أجد ما أتعلمه وأنجح فيه خلال حياتى، وألا أستسلم للبؤس والإحباط».وأضافت: «مرضت حينما كنت طفلة، وللأسف حصلت على دواء خاطئ تسبب فى ضمور عضلاتى، وبدأت أفقد القدرة على المشى تدريجيًا، وأصبحت أستخدم كرسى متحركًا، وبعدما أكملت مرحلة التعليم الإعدادى، كان من المستحيل أن أصل للمدرسة الثانوى بالكرسى، لأنها بعيدة جدًا عن بيتنا».وواصلت: «مكثت فى المنزل فترة طويلة جدًا، كنت أتنفس وآكل وأشرب، لكن ليس لدى أى أهداف أو شغف فى الحياة، ثم تغير كل شىء حينما علمت بأن هناك مجموعة من السيدات أسسن جمعية لتعليم الحرف التراثية وإنتاجها، فذهبت إليهن دون أن أتردد لحظة واحدة، وكنت مصرة على التعلم».وأكملت: «عندما توجهت إليهن ورأيت ما يفعلنه، شعرت بأن هناك أملًا كبيرًا فى الحياة، وأن أمامى فرصة لأثبت نفسى وجدارتى، وأن أتعلم هذا الفن الجميل وأبدع فيه»، متابعة: «الآن أنا عضوة فى الجمعية التعاونية الإنتاجية للمشغولات اليدوية والتراثية فى أسوان، وأستطيع صناعة أنواع كثيرة من المشغولات اليدوية المصنوعة من خامات طبيعية، ويجرى تصديرها للخارج.. كنت أحلم بالسفر، ورغم أن حلمى لم يتحقق، لكننى سعيدة بأن أرى ما أصنعه بيدى يجوب العالم بدلًا منى».وكشفت عن أنهن يستخدمن نباتات تعتبر ضارة، وبدلًا من حرقها، يجرى تحويلها إلى مشغولات يدوية جميلة، على رأسها «الحلف»، مضيفة: «أحب استخدام خامات مثل العرجون والخوص لصناعة شنط الخوص مختلفة الأحجام والأشكال، والأطباق والصناديق وجميع المستلزمات. أصبحت أحب الحياة، وأحلم بأن أكون نسخة أفضل منى كل يوم، وحينما أستيقظ كل يوم أجد أنها فرصة لأستكشف وأتعلم وأطور نفسى وأحقق إنجازًا جديدًا».وبينت أنها تعمل حاليًا على افتتاح مشروع خاص بها، تستغل خلاله نبات «الحلف»، الذى ينمو على المصارف ويعتبر نباتًا ضارًا، وتحوله إلى منتجات جميلة، بدلًا من حرقه، موضحة: «بدأت الفكرة حينما قررت أن أجلب بعض الحلف، وأعالجه فى البيت عن طريق غمره بالمياه ومحاولة غزله، وكانت النتيجة جميلة، واستطعت صناعة أطباق وصناديق قمامة وأشكال أخرى يمكن استخدامها كديكور فى المنازل والمكاتب».وتابعت أن المجتمع كان يشعر تجاهها بالشفقة فى البداية لأنها تستخدم الكرسى المتحرك. لكن الآن كل من يعرفنى يفتخر بى، لأننى استطعت تحقيق النجاح رغم كل التحديات التى واجهتنى، مضيفة: «نحن قادرون باختلاف، قادرون على أن نغير حياتنا بأنفسنا.. أنا ماهتمتش بكلام الناس، وقررت أن أحلم وأسعى لتحقيق حلمى، وأن أصنع مستقبلى دون أن أنتظر مساعدة من أحد.. أنا زى أى حد سليم».