هل سينجح الكونغرس هذه المرة؟

تجديد الكونجرس الأمريكى مساعى تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية له أبعاد مُعقدة وتداعيات محتملة تتجدد باستمرار فى أروقته، خاصة بين الأعضاء الجمهوريين. الدعوات والمحاولات الرامية إلى تصنيف الجماعة منظمة إرهابية ليستا جديدتين، بل تعكسان تيارًا فكريًا وسياسيًا عميقًا يرى فى الجماعة تهديدًا متزايدًا للأمن القومى الأمريكى ومصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية فى الشرق الأوسط وحول العالم.ورغم مرور سنوات على طرح هذه المبادرات لأول مرة، فإنها تكتسب زخمًا دوريًا، مدفوعة بتطورات إقليمية ودولية معينة، وآخرها كان فى أوائل يونيو ٢٠٢٥، حيث ألقى هجوم كولورادو بظلاله على النقاش. ولا أخفى أبدًا أن أمريكا تستخدم هذه الجماعة الإرهابية أداة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية فى كل بقاع الأرض. ويعتمد مؤيدو تصنيف الإخوان منظمة إرهابية على مجموعة من الحُجج التى تتشابك بين البُعد التاريخى والأيديولوجى والتكتيكى للجماعة. ويرون أن جماعة الإخوان، التى تأسست عام ١٩٢٨، تحمل أيديولوجية راديكالية تسعى إلى تغيير الأنظمة القائمة وإقامة دولة دينية فاشستية، وأنها رغم تظاهرها فى بعض الأحيان بالعمل السياسى، فإنها تقوم ببُعد سرى وتنظيمى مسلح يدعم أو يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بجماعات العنف، بل قامت بجرائم علنية لا تخفى على أحد. ويستشهدون بتاريخ الجماعة الذى شهد فترات من العنف والاغتيالات فى مصر خلال منتصف القرن الماضى وحتى الآن، بالإضافة إلى ارتباطات أيديولوجية أو تنظيمية مع جماعات مصنفة بالفعل إرهابية، وأبرزها حركة حماس التى تعد الفرع الفلسطينى للإخوان، وتصنف منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.ويرى هؤلاء المشرعون الأمريكيون أن تصنيف الإخوان منظمة إرهابية سيوفر للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية أدوات قانونية ولوجستية حاسمة. فبموجب قانون مكافحة الإرهاب الأمريكى يمكن لحكومة الولايات المتحدة تجميد الأصول المالية للمنظمات المصنفة، ومنع أفرادها من دخول البلاد، ومقاضاة أى شخص يقدم لها دعمًا ماديًا. وهذا من شأنه أن يسهم فى تعطيل شبكات التمويل والدعم اللوجستى للجماعة داخل الولايات المتحدة وخارجها. علاوة على ذلك، يعتقد المؤيدون أن مثل هذا التصنيف سيعزز موقف الولايات المتحدة فى قضايا كثيرة. وسيقدم دعمًا سياسيًا قويًا للأنظمة الإقليمية التى تعتبر الإخوان تهديدًا مباشرًا لاستقرارها وأمنها القومى، مثل مصر والسعودية والإمارات والبحرين، التى قامت بالفعل بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية على أراضيها. ومن هذا المنطلق خاضت مصر- ولا تزال- حربًا ضروسًا ضد الجماعة الإرهابية التى ارتكبت جرائم بشعة فى حق المصريين، خاصة فى العام الذى وصلوا فيه إلى الحكم فى غفلة من الزمن. ويرى قادة جمهوريون بارزون، مثل السيناتور تيد كروز، الذى أعاد تقديم مشروع قانون فى هذا الشأن مرارًا، أن «الإخوان استغلت ضعف إدارة بايدن لتعزيز نفوذها». وحذر من أن تجاهل التهديد المتنامى الذى تشكله الجماعة هو «أمر غير مقبول» من منظور الأمن القومى الأمريكى.ويظل تجديد الكونجرس الأمريكى لمناقشة تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية قضية بالغة الأهمية فى ظل اعتماد الولايات المتحدة على هذه الجماعة فى ارتكاب الجرائم ضد الأمة العربية على وجه التحديد. ويأتى ذلك فى ظل رأى المؤيدين فى تصنيف الجماعة منظمة إرهابية، على اعتبار أن هذا أداة ضرورية لمكافحة التطرف وتعزيز الأمن القومى. ويظل السؤال المحير: هل ينجح الكونجرس هذه المرة فى تصنيف الجماعة منظمة إرهابية.. أم أن الولايات المتحدة ما زالت تبحث عن بديل لتنفيذ مخططاتها من خلال أدوات جديدة؟.. هذا ما ستكشف عنه المناقشات فى الكونجرس.. وعلى كل حال فإن هذه الجماعة إرهابية سواء صنفتها أمريكا أو لم تصنفها.