فريد أبو سعدة.. آخر «رؤساء الشعر» في «مجموعة المحلة»

سمعت من يقول سأجعلُكَ تسمعُ ما لا أذنٌ سمعتْ وترى مالا عينٌ رأتْ تسمعُ موسيقى الأفلاكِ وأصواتَ الأنبياءِ السابقين بهذه الكلمات التي هي من قصيدته “فض” والمنشورة بين ضفاف ديوانه “مكاشفتي لشيخ الوقت” والصادر في عام 2008؛ استطاع محمد فريد أبو سعدة، أخر أعضاء “جماعة المحلة” التي نشأت في قصر ثقافة المحلة أواخر الستينيات مع كل من جابر عصفور ونصر أبو زيد وسعيد الكفراوى ومحمد المنسى قنديل ومحمد صالح وجار النبى الحلو؛ أن يسمع السامعين ما لا أذن سمعته من الشعر من قبل؛ وأن تحمل أعماله المسرحية موسيقى طُربت لها الأفلاك والبشر والحجر، وأن تحمل من المعاني ما حملته أصوات الأنبياء السابقين؛ وذلك منذ صدور مسرحيته الشعرية الأولي “سيفك يا طومان باي” عام 1969؛ مرورًا بأعماله الشعرية والروائية: “السفر إلى منابت الأنهار 1985، وردة للطواسين 1988، الغزالة تقفز في النار 1990، وردة القيظ 1993، ذاكرة الوعل 1996، طائر الكحول 1998، معلقة بشص 1998، جليس لمحتضر 2001، سماء على طاولة 2003، مكاشفتي لشيخ الوقت 2008، سيرة ذاتية لملاك 2009، أنا صرت غيري 2012، ذاكرة الوعل 1997، أطير عاليا 2017، الصبي الذي كنت2017”.”قدمى على قدم الولاية.. صاعدًا..حولى ملائكة مؤانسة.. فقلت: امكث.. ولا تبرح فؤادك”محمد فريد أبو سعدة الذى سجل اسمه بحروف من نور في سجل شعراء جيل السبعينيات؛ لما عرف عنه من صور شعرية مغايرة بين أبناء جيله بعد أن تطايرت تلك الصور من مدينته بالمحلة مسقط رأسه بوسط الدلتا لسقط على الألسن مباشرة فترددها وتيعد تكرارها بعد أن وقع سحر موسيقاها على الآذان وبعد أن تلمست قلوب محبي الشعر باعتبارها قريبة منهم وتمس حياتهم وتعبر عنهم؛ تاركًا ورائه ذكرياته وأعماله الشعرية والمسرحية والروائية، والتي تعود لستينيات القرن الماضي؛ حتى أعماله المسرحية والصادرة من فصل واحد، والتي نشرت في كتابين: «حيوانات الليل»، و«عندما ترتفع الهارمونيكا»، كما فازت مسرحيته «ليلة السهروردي الأخيرة» بجائزة اتحاد الكتاب المصريين، وعرضت على خشبة المسرح بعنوان «سيد الوقت»؛ وصدر له رواية “قبلة الريح” في عام 2019″.”ليس هنا مكان ليس أنتفالكل فيك أنت كل ما أفعل أنت كل ما أقول أنت كل ما حدث ويحدثأنت كل ما لم يحدث وكل ما لن يحدثرغم حصول محمد فريد أبو سعدة على بكالوريوس الفنون التطبيقية، ودبلوم الدراسات العليا في الصحافة، وعمله بمؤسسة دار المعارف، وتوليه إدارة النشر الثقافي بها قبل تفرغه للكتابة، وصدور أعماله الشعرية الكاملة عن عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2013 فى ثلاثة أجزاء من القطع المتوسط، وحصوله على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر، ووسام الامتياز عام 1993، وجائزة اتحاد الكتاب (في المسرح) عن مسرحية “ليلة السهروردي الأخيرة” عام 2003، وتكريمه في الملتقى الأول لقصيدة النثر العربية 2010، وجائزة اتحاد كتاب المسرح عام 2003.وتُرجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية، وتكريمه في العيد الفضي لمؤتمر أدباء مصر في نفس العام، وحصوله على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2014؛ إلا أن آخر أعضاء “جماعة المحلة” مازال يحمل بين ضلوعه رصيدًا من الإبداع فى الشعر والمسرح والرواية وسيرته الذاتية التي لم ترو حتى اليوم؛ بما يليق بمنجزه الشعري والمسرحي والروائي والثقافي والمسرحي؛ ودوره المجتمعي وحضوره الذى أضاء قناديل المحافل الثقافية بكلمات عّبرت عن هموم القارىء المصرى والعربي.