9 ألوان زينت غلاف الكعبة.. ولماذا اختار النبي الأحمر والأبيض لتزيينها؟

9 ألوان زينت غلاف الكعبة.. ولماذا اختار النبي الأحمر والأبيض لتزيينها؟

تم تحديثه الخميس 2025/6/5 03:33 م بتوقيت أبوظبي


تُعد كسوة الكعبة المشرفة من أقدم وأهم الرموز الإسلامية التي تمثل تجلياً لجمال بيت الله الحرام.

 وتُظهر رحلة الكسوة كيف تطور شكلها وموادها وألوانها عبر الزمن، فكل لون منها يحمل قصة خاصة دالة على مرحلة تاريخية وروحية.

بداية الكسوة وأول من كساها

كانت بداية كسوة الكعبة مع الجد الأعلى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو عدنان. فقد صنع كسوة جزئية من برود يمانية وأوصال وثياب، تكفي لتغطية الكعبة بشكل جزئي. ثم جاء تبع اليماني، ملك حمير، ليكسوها كسوة كاملة من البرود اليماني، وأقام للكعبة باباً ومفتاحاً خاصاً بها. واستمر الخلفاء والأمراء عبر التاريخ في تزيين الكعبة بالجلود والقماش حسب الإمكانات والموارد المتاحة.

ومن الملاحظ أن أول امرأة كست الكعبة كانت نتيلة بنت جناب، زوجة عبد المطلب، جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يدل على أن العناية بالكعبة كانت مسؤولية جماعية ومشتركة بين الرجال والنساء في البيت النبوي.

كسوة الكعبة في عهد النبي محمد ﷺ

عندما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، لم يزل الكسوة القديمة التي كانت لدى قريش والتي احترقت جزئياً إثر شرارة من نار أثناء تبخير الكعبة. ثم استبدل النبي الكسوة القديمة بكسوة جديدة من البرود اليماني، ذات اللونين الأبيض والأحمر. وكان هذا أول استخدام رسمي لكسوة ذات لونين في عهد الإسلام، حيث امتزج الأبيض النقي مع الأحمر، لون الدم والحياة، دلالة على حياة جديدة لبناء الكعبة.

الكسوة في عهد الخلفاء الراشدين

في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كانت الكسوة مصنوعة من القباطي، وهو نوع من الثوب الأبيض الرفيع والمصنوع في مصر. أما في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد كان أول من كسا الكعبة كسوتين في الوقت ذاته: واحدة من البرود اليماني وأخرى من القباطي المصري، تأكيدًا على عظمة البيت الحرام ورسوخ مكانته في قلوب المسلمين.

تحول لون الكسوة إلى الأسود

على مر العصور، تغيّر لون الكسوة وفقًا للأوضاع التاريخية والمزاجات السياسية. في البداية كانت الكسوة تُصنع من الحرير الأحمر، لكن الخليفة العباسي المتوكل قرر تغيير اللون إلى الأسود. السبب وراء ذلك كان أن اللون الأحمر فقد بريقه وبهاءه نتيجة كثرة التمسح به، خاصة أن الحرير الأحمر كان يُستخدم لفترات طويلة خلال موسم الحج.

وبحسب سجلات التاريخ، فقد استمر اللون الأسود حتى عهد الخليفة الناصر العباسي، حيث أصبحت الكسوة سوداء مزينة بخيوط ذهبية فاخرة، وهو اللون الذي استمر حتى اليوم، مع تحديثات طفيفة في المواد والتصاميم.

مراحل صناعة الكسوة والمواد المستخدمة

تُصنع كسوة الكعبة اليوم في مجمع الملك عبد العزيز للكسوة، حيث يشارك أكثر من 200 صانع من ذوي المهارات العالية في مختلف مراحل الصناعة. العملية تشمل النسيج اليدوي والآلي، الطباعة، التطريز، والتجميع، ويُستخدم فيها مواد ثمينة مثل:

نحو 1000 كيلوغرام من الحرير الخام،

120 كيلوغراماً من خيوط الذهب،

100 كيلوغرام من خيوط الفضة.

تتكون الكسوة من 16 قطعة تغطي الجوانب الأربعة للكعبة، مع حزام (الكتابة) الذي يحتوي على آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى، إضافة إلى 12 قنديلاً و4 صمديات تُزيّن أعلى الكعبة، كلها مصنوعة بخبرة وحرص شديدين.

الكعبة المشرفة

الألوان التي زينت الكسوة عبر العصور

تطورت ألوان كسوة الكعبة بشكل كبير، وكانت تحمل دلالات تاريخية مختلفة، وتضمنت هذه الألوان:

البني الفاتح: وهو لون الجلد الطبيعي للماعز، وكان يستخدم في أول كسوات إبراهيم عليه السلام.

الأبيض والأحمر: أول كسوة في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مصنوعة من البرود اليماني.

الأبيض: استخدمته الخلفاء الراشدون والعباسيون في بعض الفترات.

الأحمر: كانت كسوة ابن الزبير في عام 64هـ مصنوعة من الأحمر، وهو لون الدم والحياة.

الأبيض والأصفر: كان يستخدم في عهد ملك مكة عام 200هـ.

الأصفر: عهد الدولة الفاطمية.

الأخضر: استخدم في عهد الخليفة الناصر العباسي، قبل أن يتحول اللون إلى الأسود.

الأسود والذهبي: هو اللون الرسمي الحالي، بدأ استخدامه منذ 622هـ ولا يزال حتى الآن.

سدانة الكعبة ومسؤولية العناية بها

يُعد سدنة الكعبة من العائلات التي حملت أمانة العناية بالكعبة على مر العصور، وخصوصاً عائلة بني طلحة الذين ورثوا هذا الشرف منذ عهد النبي محمد ﷺ. وهم يحتفظون بمفتاح الكعبة ويديرون مراسم الغسل والكسوة، وتنتقل هذه المسؤولية من جيل إلى جيل ضمن العائلة، بتنسيق مع السلطات السعودية التي تتولى رعاية الحرم الشريف.

aXA6IDE1NC43My4yNDkuNTkg