هل ينسى الطفل التحرش؟.. مرض نفسي خطير يقلل من عمره الافتراضي

هل ينسى الطفل التحرش؟، سؤال مُلح بدأ الاهتمام يدور حول إجابته، خاصة مع انتشار ظاهرة التحرش بالأطفال، وتسبب تلك الحوادث في أزمات نفسية قد لا يعلم الأهل هل ينسى الطفل التحرش، أم تتوقف حياته عند الحادث ويصبح معقدًا يخاف المستقبل؟. ولأن التحرش والشذوذ الممارس ضد الأطفال أمر يجهلونه ويصاحبه مشاعر مفاجئة وشديدة الألم عليهم، نعرض عبر القاهرة 24 آراء الخبراء حول هل ينسى الطفل التحرش، وكيف يتم التعامل مع الطفل بعد واقعة الاعتداء؟.
هل ينسى الطفل التحرش؟
ليس من الغريب أن نتساءل هل ينسى الطفل التحرش؟، فالواقع أنتج حالات معقدة وحتى بعد الكبر أصبحوا يكرهون ذواتهم وأجسادهم ويرفضون مجرد التفكير في الزواج أو التأقلم مع الغير، بسبب الجرح الغائر في مشاعرهم منذ الصغر بسبب الاعتداء الجسدي، ولكن كيف يواجه الأهل هذا الحادث الخارج عن إرادة وقدرة وقوة الطفل، وكيف يمكن أن يتسببوا في تعميق الضرر النفسي للطفل بدلا من احتوائه؟.
قبل الإجابة على سؤال هل ينسى الطفل التحرش؟، يجب أن يعلم الأهل والمحيطين بالطفل أولًا، مدى الأذى الذي يقع على الطفل والظلم الذي قد يتشاركون فيه ضده ويتسبب في تدميره بلا ذنب منه، فالطفل ضحية الاعتداء الجنسي يتعرض لتحول مفاجئ إثر الحادث ويعاني من آثار خطيرة وشديدة عليه.
وأوضح الدكتور نبيل القط، استشاري الطب النفسي، أن الطفل يتأثر بحادث التحرش على مستويات متعددة ويصعب تعميم النتائج بشكل قاطع، فالتأثيرات تختلف وتكون ذات مدى يتعلق بوقت الحادث وعلاج الصدمة.
وأضاف أن الطفل عقب الاعتداء الجنسي وعلى المدى القصير، يعاني الخوف والقلق والغضب، والشعور بالعار والذنب، ويظهر لديه الارتباك والانسحاب الاجتماعي، ويصاحب ذلك عدو تغيرات سلوكية، أبرزها اضطرابات النوم، التبول اللاإرادي، تغير في الشهية، انسحاب من الأنشطة المعتادة، سلوكيات جنسية غير ملائمة للعمر، مشكلات أكاديمية.
وواصل الاستشاري النفسي: أما على المدى الطويل، يظل محتفظًا بذكريات الحادث السيئة، فيعاني اضطرابات القلق والاكتئاب، واضطراب الكرب ما بعد الصدمة PTSD ما يعزز لديه انخفاض تقدير الذات، وصعوبات في العلاقات الشخصية.

وشدد على أن الإجابة على هل ينسى الطفل التحرش، من المنظور العلمي العصبي النفسي، ستكون معقدة، فليس المطلوب أن ينسى الطفل الحادث بشكل جبري وكلي، بل الأهم هو أن يتعافى من الصدمة ويتأقلم مع حياته، موضحًا أن هناك أنواع مختلفة من الذاكرة، فمثلا الذاكرة الصريحة والضمنية، قد تجعل الطفل يفقد القدرة على استرجاع الذكريات الصريحة للحدث، أو ما يسمى النسيان الظاهري.
وعاد ليؤكد أنه على الرغم من ذلك، تبقى الذكريات الضمنية الحسية والعاطفية، محفوظة في عقل الطفل مع تقدمه في العمر، وتظهر كأعراض جسدية أو انفعالية، وقد يلجأ دماغ الطفل كآلية دفاعية إلى كبت الذكريات المؤلمة أو التفارق النفسي عنها، لكنها قد تستمر في التأثير على صحته النفسية.
إلا أن الدكتور أيمن القط، أكد أن المرحلة النمائية محدد هام لمدة تعافي الطفل، فالأطفال الصغار جدًا قد لا يحتفظون بذكريات صريحة للأحداث الصادمة بسبب عدم اكتمال نمو الحصين المسؤول عن ترميز الذكريات، لكن آثارها قد تبقى، أما الأطفال الأكثر إدراكًا فيكون التأثير عميقًا.
وشدد على أن الرؤية العلاجية الحديثة لا تستهدف من العلاج النفسي أن ينسى الطفل التحرش، بل معالجة الحِمل العاطفي للحدث وإعادة معالجة الذكريات الصادمة لتقليل تأثيرها، مع توفير مهارات التأقلم والتعافي، وتطوير القدرة على التكيف والمرونة النفسية.
وحذر الأهالي والمدرسة من إهمال العلاج النفسي للطفل المعتدى عليه، إذ أن العلاج المبكر يحسن النتائج بشكل كبير، لأن المرونة العصبية في مراحل النمو المبكرة تسمح بإعادة هيكلة المسارات العصبية المتأثرة بالصدمة.
وجدد تأكيده على أن الهدف النهائي ليس محو الذكرى، بل أن تتحول من تجربة تسيطر على حياة الفرد، إلى جزء من تاريخه الشخصي لا يعيق نموه وتطوره النفسي والاجتماعي السليم.
علاج صدمة التحرش
وحول علاج صدمة التحرش، ضمن أدوات الإجابة على سؤال هل ينسى الطفل التحرش؟، فإن استشاري الطب النفسي، الدكتور أيمن القط، أوضح أن الطفل يصاب باضطراب الشخصية الحدية (BPD) المرتبط بالتعرض لصدمات الطفولة، خاصةً التحرش، ويظهر مع عدم تلقي التدخل العلاجي النفسي المناسب والمبكر، = ما يجعل لدى عقله عبء عاطفي مرتبط بالحدث الصادم.
ونوه إلى ضرورة إدراج التثقيف الجنسي في المناهج الدراسية كضرورة وقائية، محذرا من أن الأدلة السريرية تشير إلى أن فعالية العلاج تتناقص مع تقدم السن دون التدخل المبكر، حيث تكون البنى النفسية والمعرفية قد ترسخت. وقد تتطور لدى الفرد مخططات معرفية سلبية تتمحور حول عدم أمان العالم وضعف القدرة على الحماية الذاتية.
وشدد على أنه تزداد فعالية التدخلات العلاجية كلما كانت مبكرة، مع التركيز على تخفيف الآثار النفسية للصدمة، لا على محوها، لذلك يتم تصميم الخطط العلاجية وفقًا لنوع الحالة وطبيعة الحدث الصادم الذي تعرض له الفرد.
وكشف الاستشاري النفسي، عن لجوء أشخاص ناضجين إلى ارتياد عيادة العلاج النفسي خلال الفترة الماضية بشكل ملفت، بعد حملات التوعية ضد التحرش والسكوت عنه، وبعد الحوادث التي انتشرت والتناول الدرامي لآثار الاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث يبدو على هؤلاء الأشخاص عدة آثار نفسية، مثل انخفاض تقدير الذات، مشاعر الفشل، اضطرابات القلق، واضطراب الكرب ما بعد الصدمة.
وحول دور الأهل والمدرسة، نصح الطبيب النفسي بضرورة توفير بيئة تسمح للأطفال بالنمو بصورة طبيعية، واكتساب مهارات تكوين العلاقات الاجتماعية السليمة، ومعرفة كيفية حماية أجسادهم واحترام حدود الآخرين.
ولفت إلى أن هذه المهارات لا تحمي الفرد من الأذى فحسب، بل تمنعه أيضًا من إيذاء الآخرين، وتمكنه من التنقل في الأماكن العامة بثقة ودون خوف أو ارتباك.
وقد تناولت الدراسات الطبية، مضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة، حيث أثبتت أنه ارتبط أيضًا بمشاكل جسدية مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، والسمنة، وأمراض القلب، والألم المزمن، والإرهاق، وانخفاض متوسط العمر المتوقع للشخص حال عدم تلقي العلاج النفسي المناسب.

علاج التحرش الجنسي نفسيًا للأطفال
وتؤكد الدراسات النفسية، أن التعامل مع الصدمة من الوهلة الأولى يكون له مردود قوي في تحديد نجاح علاج التحرش الجنسي نفسيًا للأطفال من عدمه، ومقدار تأثيره أيضا، إذ أن الطفل لا يختار التعرض للصدمة ولا يعلم رد فعل نفسي مناسب يجب أن يبديه، ولكنه يخاف إن يتحدث عن الأمر أمام الآخرين حتى والديه، لشعوره بالذنب والعار.
ويعزز الأهل، وخاصة الوالدين، هذه المشاعر السلبية عند تلقي صدمة المعرفة بالأحداث، فيكون رد فعلهم الصادم للطفل عبء إضافي يزيد من تعزيز الآثار السلبية ورفض جسمه وشخصيته والمجتمع.
لذلك، يجب على الأهل والمحيط المدرسي عند اكتشاف تعرض الطفل للاعتداء الجنسي اتباع سبل تعزيز العلاج النفسي من خلال:
مواجهة المتحرش فورًا وإخضاعه للعقاب المناسب.استقبال الطفل بالعطف والاحتواء والتأكيد على أنه غير مذنب وأنه جيد ولا ذنب له.تعزيز ثقته بنفسه وطمأنته بسلامة جسده وأنه حادث صعب لكنه مر والمتسبب فيما تعرض له هو المخطئ وينال عقابه.إعادة تهيئته للدفاع عن نفسه ضد المتحرشين وإدماجه في رياضة يحبها تعزز قدرته على تقبل نفسه.شرح مهمة الأعضاء في جسمه وأنها من النعم التي يجب الاهتمام بها وحمايتها من أي ضرر وخصوصيتها.عدم تلقي تفاصيل الحادث بالصراخ والاتهامات والضرب أو التعنيف والعقاب، حتى لا يتحول الطفل إلى مذنب ويفقد تقبله لذاته وقد ينتكس إلى طفل عدائي تجاه أصدقائه.