طق الأوعية الدموية: خطر خفي يسبب الوفاة

طق الأوعية الدموية: خطر خفي يسبب الوفاة

في مشهد بات مألوفًا على منصَّات التواصل الاجتماعيِّ، يظهر شباب يتبادلون الضحكات، خلال جلسات ما يُعرف بـ»طق الأبهر» داخل الاستراحات، لكنَّ خلف هذه الطقطقة العشوائيَّة، يكمن خطر صامت، قد يقود إلى إصابات خطيرة، بل ومميتة أحيانًا.

ما يبدو للوهلة الأولى مهدئًا مؤقَّتًا للألم، يحذِّر الأطباء من أنَّه قد يكون بداية سلسلة من المضاعفات المعقّدة، تشمل انزلاقًا غضروفيًّا، شللًا جزئيًّا أو كليًّا، وصولًا إلى تلف في الأعصاب، والحبل الشوكيِّ.

فهل نحن أمام خرافة شعبيَّة جديدة، أم ممارسة خطيرة تتطلَّب تدخلًا فوريًّا؟

عقدة عضلية

قال الدكتور الحسين عسيري، استشاري الأمراض الباطنيَّة والروماتيزم، إنَّ حالة «الأبهر» ليست خرافة، بل إصابة عضليَّة حقيقيَّة، تحدث نتيجة توتر وشد في العضلات والأربطة المحيطة بالعمود الفقري، وغالبًا ما تكون ناتجة عن الجهد الزائد، أو الجلوس الخاطئ، أو ضعف عضلي مزمن.

ويحذِّر عسيري من خطورة التعامل العشوائي مع هذه الحالة، عبر الضغط أو «الطق»، خاصَّة في الرقبة، إذ قد يتسبَّب ذلك في: تمزُّق الأربطة، انزلاقات غضروفيَّة، تلف في الأعصاب الشوكيَّة، خدر في الأطراف، أو ضعف في الحركة، وفي بعض الحالات القصوى الشلل.

ورغم اعتقاد البعض أنَّ طق الأبهر يزيل الألم مؤقَّتًا، يؤكِّد الدكتور عسيري أنَّ هذا الإحساس مخادع، فالإجراء يفاقم المشكلة على المدى الطويل، عبر زيادة التوتر العضلي، إضعاف المفاصل، تكرار الإصابة.

ويشير إلى أنَّ العلاج الحقيقي لا يكون إلَّا بخطة متكاملة تشمل العلاج الطبيعي المنتظم، تمارين تصحيحية، أدوية مضادة للالتهاب، والتدخل الجراحي عند الحاجة.

كما نبَّه إلى أنَّ الحجامة، وإنْ كانت مفيدة أحيانًا، فإنها ليست بديلًا عن العلاج الطبيِّ، ولا ينبغي اللجوء إليها دون إشراف مختص.

لعب بالنار

من جانبه، حذَّر اختصاصي العلاج الطبيعي والطب الرياضي أحمد القرني، من خطورة الممارسات العشوائيَّة لـ»طق الأبهر» المنتشرة بين غير المختصِّين، مشبِّهًا إيَّاها بـ»اللعب بالنار»، وقال: «ما يبدو مزحة، أو وسيلة بسيطة لتخفيف الألم، قد ينتهي بكارثة صحيَّة.

وأوضح أنَّ «طق الأبهر» دون دراية طبيَّة، قد يسبِّب كسرًا في الضلوع، أو ثقبًا في الرئة، أو حتَّى إصابة مميتة بالحبل الشوكي.

ويضيف: إنَّ منطقة الرقبة -على وجه الخصوص- تُعتبر من أخطر المناطق للمسِّ؛ نظرًا لحساسيَّة الأعصاب والأوعية الدمويَّة فيها، وقد يؤدِّي الضغط الخاطئ إلى: نزيف داخلي، شلل دائم، أو الوفاة.

ويوضِّح القرني، أنَّ التعامل مع ألم الأبهر يتطلَّب أوَّلًا فحصًا سريريًّا دقيقًا لتحديد الخلل العضليِّ، أو العصبيِّ، ثم وضع برنامج علاجي فردي يشمل تمارين إطالة وتقوية، تحريك يدوي، الإبر الجافة، أو اللاصق الطبي، تعديل وضعيات الجلوس والعمل.

وأشار إلى أنَّ اللجوء لحلول «الاستراحات» يعكس في بعض الأحيان فقدان الثقة بالاختصاصيِّين، إلَّا أنَّ المملكة اليوم تزخر بكفاءات وطنيَّة متميِّزة في مجالات العلاج الطبيعي والتأهيل.