المستشار وليد عز الدين يكتب: جريمة التنمر فى القانون المصرى

يُعدّ التنمر أحد أخطر المشكلات الاجتماعية المعاصرة لما يُمثله من مخالفة جسيمة لتعاليم الأديان والقيم والأخلاق الحميدة واعتداء على حقوق الإنسان وحقه في العيش بكرامة وأمان.
وقد عرّف القانون المصري التنمر بأنه كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة جانٍ أو استغلال ضعف المجني عليه أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه المجتمعي.
ووفقًا للتعريف القانوني للتنمر فإنّ التنمر يتحقق بالعديد من الطرق كالعنف والبلطجة والقول والتعرض للمجني عليه، ويمكن أن يقع التنمر أيضًا عن طريق الوسائل الإلكترونية الحديثة كالهواتف المحمولة والتطبيقات الحديثة للتواصل الاجتماعي.
طرق التنمر التقليدية
هناك من صور التنمر التي لا يُتصوَّر وقوعها إلا بالطرق التقليدية كالتنمر الجسدي الذي يشمل الدفع والركل والضرب والاصطدام بالمجني عليه، بمعنى أنه في هذه الصور يجب أن يلتقي الجاني بالمجني عليه، والتنمر التقليدي يشمل كل صور السلوك الإجرامي لجريمة التنمر، فكل تنمر لا يقع بوسيلة من وسائل التكنولوجيا الحديثة فهو تنمر تقليدي.
طرق التنمر الإلكتروني
أصبح هناك صور أخرى للتنمر غير الطرق التقليدية، وهي التنمر الإلكتروني، والذي يتم عبر وسائل الاتصال الحديثة، فجريمة التنمر الإلكتروني تتحقق بإرسال رسائل وبشكل متكرر عبر البريد الإلكتروني أو عبر الرسائل النصية في المحمول وغيرهما لمضايقة المجني عليه، ويمكن أن تحتوي تلك الرسائل تهديدات متكررة وتصريحات جنسية أو علامات للتحقير أو التشهير باتهامات باطلة ضد المجني عليه، وأيضًا نشر شائعات من شأنها الحط من سمعة المجني عليه.
عقوبة التنمر على الآخرين
نصت المادة (51) من الدستور المصري على أنه: الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.
وقد استحدث المشرع المصري في المادة (309 مكرر ب) من قانون العقوبات نصًا جديدًا لمواجهة ظاهرة التنمر وتجريم هذا المسلك المشين لما لهذه الجريمة من آثار فادحة على الشعور النفسي للمجني عليهم، خاصة إذا كان من وقعت عليه الجريمة من الأطفال أو كبار السن أو ذوي الإعاقة.
وقد عاقب القانون المصري على فعل التنمر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وقد شدد المشرع المصري العقوبة لتصل إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر أو كان الجاني من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان سُلّم إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادمًا لدى الجاني.
أما إذا اجتمع الظرفان، يُضاعف الحد الأدنى للعقوبة، كما نص القانون على مضاعفة العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حال العود لارتكاب الجريمة، وهذا كله مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر.
العقوبة المقررة للتنمر على ذوي الإعاقة
في سبيل حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، ووفقًا لأحكام القانون، فإنه يُعاقب المتنمر على الشخص ذي الإعاقة بالحبس لمدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ويصبح الحد الأدنى للعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت العقوبة من شخصين أو أكثر أو كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه.
إثبات جريمة التنمر
من المتفق عليه أن جريمة التنمر لا تترك أثرًا ملموسًا على المعتدى عليه، ولكن تترك أثرًا معنويًا كبيرًا بسبب استعراض القوة من الجاني على المجني عليه، ويمكن إثبات جريمة التنمر بكافة طرق الإثبات سواء عن طريق المحادثات أو الفيديوهات المثبتة لارتكاب واقعة التنمر أو شهادة الشهود وغيرها من طرق الإثبات المعتبرة قانونًا، حيث يستمد القاضي الجنائي عقيدته في الدعوى من أي دليل أو قرينة يطمئن إليها ولها أصل ثابت في الأوراق.