المرونة المؤسسية: العناصر الأساسية التي تحتاجها المؤسسات في أوقات الأزمات

الدكتور محمد حسين سمير – أستاذ الإدارة بجامعة لندن وخبير التغيير والتطوير المؤسسي
في عالم يتسم بالتقلبات السريعة والتغيرات المفاجئة، أصبحت إدارة الأزمات المؤسسية أحد أعمدة النجاح والاستدامة لأي منظمة، صغيرة كانت أو عملاقة، محلية أو عابرة للحدود؛ فالأزمات لم تعد استثناءً نادرًا، بل جزءًا لا يتجزأ من الواقع الاستراتيجي اليوم.
وقد بات من الضروري أن تتحول المؤسسات من عقلية “رد الفعل” إلى ثقافة “الاستعداد والتكيف”.
مرآة القيادة الحقيقية
تكشف الأزمات معدن القيادات، وتختبر ليس فقط مدى كفاءتهم، بل أيضاً قدرتهم على اتخاذ قرارات عالية المخاطر في ظل ضبابية المعلومات وضيق الوقت.
وفي هذه اللحظات، لا مجال للبيروقراطية ولا الوقت للعودة إلى الخطط التفصيلية؛ بل تُحسم الأمور على طاولة الطوارئ، حيث يمتزج الحس الاستراتيجي بالمرونة التكتيكية.
أن أهم ما تحتاجه المؤسسة وقت الأزمة هو 3 أشياء: الوضوح، السرعة، والمصداقية.
المراحل الذهبية لإدارة الأزمة
التحضير ما قبل الأزمة: المؤسسات الذكية لا تنتظر الأزمة لتفكر، بل تضع “خطة سيناريوهات”، تتضمن فرق عمل مدربة، ونظم اتصالات داخلية وخارجية جاهزة، وآليات للتعافي السريع. هذا التحضير لا يقل أهمية عن أي استثمار آخر في البنية التحتية أو الموارد البشرية.
الاستجابة السريعة والمنظمة عند وقوع الأزمة، يكون الزمن هو المورد الأثمن. يجب أن تنطلق عمليات التقييم الفوري، وتُفعّل غرف الطوارئ، ويبدأ التواصل الداخلي والخارجي بشكل منسّق وشجاع. المعلومات يجب أن تكون دقيقة، ولكن الأهم أن تكون صادقة؛ فالجمهور والشركاء والمستثمرون يقدّرون الشفافية في أوقات الشك.
التعلم والتطوير بعد الأزمة بعد زوال الخطر، يبدأ العمل الحقيقي: التقييم الشامل، واستخلاص الدروس، وتحديث الأنظمة والسياسات، والأزمة لا تنتهي إلا عندما تتحول إلى فرصة للتطور التنظيمي.
من إدارة الخوف إلى قيادة الثقة الأزمات ليست مجرد لحظات حرجة، بل فرص لإعادة بناء الثقة والولاء الشركات التي تُظهر تماسكاً ومبادئ قوية خلال الأزمات، تخرج منها أكثر احتراماً وأكثر تأثيراً، بل إن بعضها – مثل شركات الطيران التي نجت من أزمات مالية كارثية، أو شركات التكنولوجيا التي حولت الانهيار إلى نهضة – أعادت تشكيل مكانتها السوقية عبر الأداء الاستثنائي وقت الشدائد.
كما أنه لا توجد مؤسسة محصّنة ضد الأزمات، ولكن يمكن لكل مؤسسة أن تصبح أكثر قدرةً على الصمود، وأكثر حكمةً في التفاعل، وأكثر جرأةً في الاستفادة.