عيدنا… عيدين… ونتطلع إلى الثالث

عيدنا… عيدين… ونتطلع إلى الثالث

فإنه بعد أن تم الإعلان عن رؤية غرة أول ذي الحجة، هلل أهل القبلة فرحا وعلت أصواتهم بالتكبير المطلق غير المحدد حمدا لله أن أنعم الله عليهم بقدوم شهر ذي الحجة، شهر الله الحرام، وفرحتنا صارت فرحتين، وعيدنا بات فرحتنا، فرحة عيد الأضحى المبارك، وفرحة عيد الجمعة، فالجمعة عيدنا الأسبوعي، فهو يوم اجتماع المسلمين في كل بقاع أرض الله في بيوت الله تعالى وبيوت الله فى الأرض المساجد وعمارها زوارها، وحقا على المزور أن يكرم زائره.

فاجتمع العيدان في يوم واحد، وزادت فرحتنا بذلك، فها هو أصبح الاجتماع اجتماعين، واللقاء لقاءين، مجتمع في صبيحة الجمعة في بكورها، لأداء صلاة العيد، ومجتمع آخر في ظهيرة هذا اليوم المبارك، فما أسعدك يا أمة محمد بهذه المكرمات والفضائل التي اختصك بها الله تعالى، أليس اجتماعنا على قلب رجل واحد في مكان واحد بالله والملائكة مرتين مكرمة من الله تعالى.فيا عباد الله لا تكونوا بخلاء ولبوا نداء الاجتماعين، صحيح وكما هو ثابت في صحاح رواة الأحاديث أنه إذا اجتمعت العيد مع الجمعة في يوم واحد، وإذا أدركنا العيد ، فثمة رخصة في إدراك صلاة الجمعة وتصلى جهرا.لكن السؤال الذي قد يطرح نفسه، ألم يقل النبي صل الله عليه وسلم ، إن الله يحب أن تؤتى رخصه.نعم إن الله تعالى يحب ذلك، لكن لمن هذه الرخص، رخصها لأصحاب الحاجات، المرضى مثلا الذين لا يستطيعون التحرك كثيرا واقعدهم المرض، فلا حرج إذا صلى العيد ألا يصلي الجمعة وإذا لم يدرك العيد يصلي الجمعة ، لبعد مسكنه عن المساجد أو لوعورة الطريق، أو لأنه لم يجد من يذهب به إلى المسجد.أما الشاب القوي اليافع فما الرخصة التي سترخص له، خصوصا وأن كل الأماكن في مصرنا عامرة ببيوت الله تعالى، فلا يخلو شارع إلا وبه مسجد أو مسجدين فلم التقاعس والتكآسل عن أداء هذه الشعائر، ألم يقل الله تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)نعم عيدنا هذا العام عيدان، عيد الأضحى، الذي شرعه لنا جل وعلا وأمرنا أن نتخذه عيدا شرعيا لأمة الإسلام احتفاءا واحتفالا من الله تعالى وملائكته التي ضحت بالحمد والثناء والتهليل لربها سبحانه وتعالى لاستجابته لدعواتهم أن يرحم هذا الغلام الصغير وأن يرفق بوالده الشيخ الكهل العجوز، ويلطف بوالدته التي رزقت به بعد أن كانت عقيم.قال إبراهيم (إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى).ورؤيا الأنبياء صادقة لا مراء فيها ، وهنا يتأتي تشريع الاختيار ، فانظر يا إسماعيل ماذا يفعل أبيك.وتأتي الإجابة على الفور من الواثق بالله الغلام الذي صار نبيا بعد ذلك ممتثلا لأمر الله تعالى.محققا الطاعة العمياء لأمر الله تعالى ولرغبة والده الذي لايستطيع أن يرد أمرا أمره الله به.وهنا يأتي الفارق بين ابنين، أحدهما عاق لأبيه ومن قبل أبيه عاق وعاص لأمر الله، وبين غلام امتثل لله تعالىأما الابن الأول هو ولد سيدنا نوح الذي عقه ولم يركب معه السفينة فكان من الهالكين.وإسماعيل عليه السلام الذي نفذ طواعية حرا مختارا لأمر الله فكان من الآمنين.ليس هذا وحسب بل أتته المكافأة العظمى من الله تعالى فهو ليس أكرم من الكريم (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صديقا نبيا).فصار نبيا لماذا، لأنه قالها وخلدها الله قرآنا يتلى إلى أن تقوم الساعة(قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاءالله من الصابرين).وهذا درس فى الصبر على البلاء، فثم فرق بين البلاء والابتلاء، الابتلاء مصيبته أخف وأقل وطئا من البلاء، فالابتلاء كأن يصاب الإنسان بمرض ويشفى منه، أما البلاء فمصيبته عظمى كبلاء العقيدة، كأن يتحول المرء من دار الإيمان إلى دار الشرك، أو كمصيبة الفقد والسلب بعد العطاء.(فلما اسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إن هذا لهو البلاء العظيم وفديناه بذبح عظيم).فجاءت البشارة للسيدين اللذين امتثلا لأمر الله، ومن بعدها شرع الله لنا عيد الأضحى وجعل الذبح سنة استنها النبي محمد صل الله عليه وسلم.امتثالا لأمر الله تعالى أيضا واحتفاءا بنجاة إسماعيل عليه السلام من الذبح ، ولعلة أخرى متحققة في قوله تعالى (فكلوا منها واطعموا البائس الفقير)إطعام فقراء الأمة الذين يرون اللحوم ولا يستطيعون شرائها ، وهنا يأتي التكافل الاجتماعي، ولأمر آخر تحقق في قوله تعالى.(لن ينال الله دماءها ولا لحومها ولكن يناله التقوى منكم)، تقوى الله تعالى، لكن الذبح يكون على المستطيع الذي يمتلك مالا ، والفقير لا يبتئس فقد ضحى عنه النبي صل الله عليه وسلم.ووقت الذبح بعد صلاة العيد مباشرة لا قبلها وإلا ستصبح ذبيحة صدقة (إنا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر)، مع مراعاة الضوابط الشرعية للذبح.نعم إنهما عيدان، ونتمنى أن يكون عيدا ثالثا، أتدرون ما هو، نعم هو الذي يدور في خلدكم، عيد تحرير الأقصى المبارك، عيد تحرير فلسطين، عيد انتصار غزة العزة ورد المظالم لأهلها، عيد توحد أمتنا العربية والإسلامية على قلب رجل واحد للوقوف في وجه المحتل الآثم الذي لا يرقب فينا إلا ولا ذمة، عيد دحره ومن شايعه وعاونه ورد كيده في نحره.عيد التحرير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس المبارك.(ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا) أستاذ الفلسفة بآداب حلوان