مميز حول الكون

أعلنت حكومة سوريا الجديدة عن إعادة فتح معبر العريضة الحدودي مع لبنان ابتداءً من صباح الثلاثاء، في خطوة لافتة تأتي بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى المبارك، بعد أشهر من الإغلاق جراء التوترات الأمنية والغارات الإسرائيلية التي طالت المنطقة.
ويُعد المعبر من أهم المنافذ البرية بين البلدين، وإعادة تشغيله تشير بحسب مراقبين إلى تحول في المشهد الأمني والسياسي على الحدود السورية اللبنانية.
افتتاح معبر العريضة رغم أعمال الترميم
وأصدرت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا بيانًا رسميًا مساء الأحد، أكدت فيه: “نحيط المسافرين الأكارم علماً بأنه سيتم افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان أمام حركة عبور المسافرين صباح يوم الثلاثاء”،
وأضاف البيان أن المعبر سيفتح “رغم استمرار أعمال الترميم والصيانة، حرصاً منا على تسهيل تنقل الأهالي خلال عطلة عيد الأضحى المبارك”.
موقع استراتيجي بين سوريا ولبنان
يقع معبر العريضة بين بلدة العريضة اللبنانية في محافظة عكار، وريف طرطوس الغربي في سوريا. ويُعد واحدًا من ستة معابر رسمية تربط بين البلدين،ويكتسب أهمية اقتصادية واجتماعية كونه يخدم آلاف العائلات المقيمة على جانبي الحدود.
تضرر المعبر بشكل كبير خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت في المنطقة وتعرض لاستهداف مباشر من الطيران الحربي الإسرائيلي، ما تسبب بإغلاقه بشكل مؤقت.
إعادة التأهيل بالتعاون بين سوريا ولبنان
نفذت الحكومتان السورية واللبنانية خلال الأشهر الماضية سلسلة من أعمال التأهيل والصيانة لإعادة تشغيل المعبر، بالتزامن مع اتصالات أمنية رفيعة بين الجانبين لضبط الوضع الحدودي ومعالجة الملفات العالقة.
ويأتي هذا الافتتاح ليعكس تحسنًا في مستوى التنسيق الثنائي، وانخفاضًا ملحوظًا في حدة التوتر الأمني، خاصة بعد سلسلة من الاشتباكات والتصعيد العسكري الذي شهدته المنطقة، بما في ذلك عمليات نفذتها جماعة “حزب الله” عبر الحدود.
دلالة سياسية لافتتاح المعبر
لا ينظر إلى قرار فتح المعبر على أنه مجرد إجراء إداري، بل يُعد رسالة سياسية في توقيت حساس، تشير إلى نضوج تفاهمات أمنية جديدة بين دمشق وبيروت.
وقد عقدت اجتماعات موسعة خلال الأسابيع الماضية، ضمت ممثلين عن الجيشين وأجهزة الأمن ووزارات الداخلية والنقل في كلا البلدين، بهدف تفكيك نقاط التوتر ووضع آليات تعاون أكثر فعالية على الأرض.
الحكومة السورية الجديدة تكسر العزلة تدريجيًا
وفق تقارير تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى كسر طوق العزلة السياسية والاقتصادية المفروضة على البلاد منذ أكثر من عقد، عبر الانفتاح على دول الجوار، وفي مقدمتها لبنان.
ويبدو أن إعادة فتح المعبر يدخل ضمن سياسة أكبر تنتهجها دمشق لإعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية، خاصة بعد استقرار الأوضاع في الجنوب السوري، والجهود العربية الأخيرة لدمج سوريا مجددًا في النظام العربي الرسمي كما ظهر في القمم العربية الأخيرة.
ترحيب لبناني ومكاسب اقتصادية محتملة
رحبت وزارة الداخلية اللبنانية بالقرار السوري، مؤكدة أن إعادة فتح معبر العريضة “تُسهم في تسهيل حركة تنقل المواطنين خلال فترة الأعياد، وتخفف الضغط عن المعابر الأخرى، وتشير إلى تحسن الوضع الأمني على الحدود”.
كما توقع مراقبون أن ينعكس القرار إيجابًا على الحركة التجارية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها بيروت ودمشق معًا.
هل انتهت الأزمة الحدودية بين سوريا ولبنان؟
رغم الإشارات الإيجابية، يرى محللون أن الحديث عن “نهاية الأزمة” لا يزال سابقًا لأوانه، نظرًا لحساسية الحدود السورية اللبنانية التي تتداخل فيها أبعاد أمنية وطائفية وإقليمية معقدة.
لكن الخطوة تمثل بداية واضحة لرغبة سياسية في التهدئة وضبط الإيقاع الأمني، وقد تفتح الباب أمام مزيد من التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والنقل، وهي قطاعات حيوية تحتاج إلى بيئة مستقرة للعمل والنمو.
سوريا تفتح أبوابها ولبنان يراقب
يرى مراقبون أن دمشق تسعى من خلال هذا القرار إلى إرسال رسالة مزدوجة: من جهة الاستعداد للانخراط في مشاريع إقليمية مشتركة، ومن جهة أخرى إثبات قدرتها على ضبط أمن حدودها بعد سنوات من الفوضى.
ومع فتح معبر العريضة، تنتظر الأنظار الخطوات القادمة، وهل ستشمل معابر أخرى، أو ترتيبات أمنية أوسع، أم أن الأمر لا يزال في حدود التفاهم المؤقت؟
بريطانيا تنحاز لـ المغرب في أزمة الصحراء.. ماذا يعني ذلك؟