هدية فاتح ماي غير السارة… الحكومة تُحضّر لموجة جديدة من غلاء غاز البوتان

هدية فاتح ماي غير السارة… الحكومة تُحضّر لموجة جديدة من غلاء غاز البوتان

بين وعود مُعلّقة وآمال مكسورة، يبدو أن أبرز ما ستقدمه الحكومة للمغاربة بعد فاتح ماي هو الزيادة المرتقبة في ثمن “البوطا”، والتي من المنتظر أن تقفز إلى 60 درهماً.

زيادة ظلّت طيّ الكتمان، حيث تجنّب الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، ووزير الميزانية فوزي لقجع، الخوض فيها علناً، قبل أن يُفاجئهم والي بنك المغرب بالكشف عن “تاريخ الزيادة النائم” في رفوف الحكومة.

هذه الزيادة، التي يُنتظر أن تلهب جيوب المواطنين، تأتي في ظل غياب تام لأي مؤشرات على حوار اجتماعي مثمر. فـ”سلة” الحوار تبدو فارغة إلا من صدى التصريحات الرنانة، وأبرزها قول رئيس الحكومة عزيز أخنوش إن المغرب يتوفر على “نقابات في المستوى العالمي”، وهو التصريح الذي جاء مباشرة بعد رفع الدعم العمومي المخصص لهذه النقابات بنسبة 30%.

الواقع يُظهر أن النقابات – على الأقل بعضاً منها – باتت تقبل بمقايضات مالية مقابل اتفاقات اجتماعية هزيلة، لا ترقى لمستوى تطلعات الشغيلة المغربية.

هذه الممارسات تُكرّس تحالفاً ضمنياً بين الحكومة وبعض المركزيات النقابية، التي تحوّلت في حالات عديدة إلى أدوات لتسهيل تمرير السياسات، بدل أن تكون صوتاً مستقلاً يدافع عن مصالح العمال.

ويقبع داخل البرلمان، منذ سنوات، مشروع قانون تنظيم النقابات. قانون “ميت حيّ”، أُعيد إحياؤه بشكل خجول بعد رأي استشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ثم ما لبث أن وُضع في “ثلاجة التجميد” من جديد.

هذا الرأي كان قد دعا إلى تجديد النخب النقابية، ووقف هيمنة المتقاعدين على قياداتها، مع إرساء الشفافية في التدبير المالي، وهي دعوات كشفت واقع تنظيمات تحوّلت إلى “ضيعات شخصية” لبعض الزعماء الأبديين، الذين يستعينون بـ”بلطجية” للبقاء في مواقعهم دورة تلو الأخرى.

وما يزيد المشهد تعقيداً هو الغموض الذي يلف الموارد المالية للنقابات، وثروات بعض قياداتها، في ظل غياب شبه تام للرقابة والمساءلة. ولعل هذا ما يجعل قانون النقابات أشبه بـ”الغول المخيف”، الذي يُهدد بفضح ما يُدار في الظلّ، ويكشف أسرار الامتيازات والثروات المتراكمة تحت غطاء النضال.

وبينما تنهك الأزمة الاقتصادية الطبقات الفقيرة والمتوسطة، تستمر “مسرحية الحوار الاجتماعي” بفصولها المتكررة.

ووسط صمت حكومي ونقابي محبط، تُطرح تساؤلات جوهرية: متى يتم القطع مع الريع النقابي؟ ومتى يُفتح الباب أمام طاقات جديدة تواكب التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة التي تشهدها البلاد؟

الإرادة السياسية العليا في البلاد سبق أن دعت إلى تجديد النخب والانفتاح على الوجوه الشابة القادرة على مسايرة زمن وسائط التواصل والوعي الشعبي المتصاعد.

غير أن الواقع يكشف إصرار “حرس قديم” على التمسك بالمناصب، والرضاعة المستمرة من امتيازات المال العام، غير آبهين بصرخات الشارع ولا بوجع المغاربة، الذين يزداد فُقرهم كلما انتعش الحوار بـ”الاتفاقات”.