في يوم الأسير.. أبو طويلة يكشف عن تعذيبه بمواد كيماوية في سجون إسرائيل

في يوم الأسير.. أبو طويلة يكشف عن تعذيبه بمواد كيماوية في سجون إسرائيل

غزة/ جمعة يونس/ الأناضول
لا يزال الأسير الفلسطيني المحرر محمد أبو طويلة (29 عامًا)، يحمل على جسده آثارًا لا تُمحى، خلّفها تعذيب إسرائيلي ميداني وحشي باستخدام مواد كيماوية امتد لأشهر.
في إحدى زوايا “التحقيق”، سكب الجنود الإسرائيليون على جسد أبو طويلة، مواد كيماوية حارقة، واستخدموا العطر لإشعال النار في جلده، دون اعتبار لإنسانيته.
ستة أشهر تنقّل فيها بين “البركسات” العسكرية (غرف حديدية) والسجون، مقيد العينين واليدين، بلا طعام أو دواء أو شمس، حتى صار جسده لا يحتمل الحرارة، وعيناه ترتجفان من الضوء.
وأبو طويلة، اعتقله الجيش الإسرائيلي من أحد البنايات المجاورة لمستشفى الشفاء عندما اقتحمها في مارس/ آذار 2024، وأخضعه لتعذيب ميداني في غزة قبل أن ينقله لسجن “سدي تيمان” سيئ الصيت.
وفي يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف الخميس، يستذكر أبو طويلة من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، تفاصيل التعذيب الذي تعرض له داخل السجن الإسرائيلي والذي تسبب بفقدانه البصر في عينه اليسرى وإصابته بحروق شديدة.
وقال: “تعرضت لتعذيب ميداني بمواد كيماوية قاتلة. صبّوا عليّ الكلور ومياه النار، ثم رشّوا معطر الجو على جسدي وأشعلوا فيه النار، كانت النيران تشتعل على جلدي، والدخان يتصاعد مني”.
وأضاف أبو طويلة: “بعد 4 أيام من التعذيب الميداني، نقلوني إلى معتقل سدي تيمان، حيث بقيت هناك 3 شهور، وعيوننا مغطاة ومكبلين الأيدي، لا أكل، لا ماء، لا أي شيء يشبه الحياة”.
وتابع: “بعد ذلك، نقلونا إلى غرف الجيش في سجن عوفر، قضيت هناك شهرًا ونصف، كان التعذيب مستمرًا أثناء التنقل، وحتى أثناء الجلوس في الزنزانة”.
وأكمل الأسير الفلسطيني المحرر: “نُقلنا إلى سجن الرملة، مكثت فيه 20 يومًا، وبعدها عدت إلى سجن عوفر، وهناك بقيت 7 شهور أخرى”.
وأفرجت إسرائيل عن أبو طويلة، في 15 فبراير/شباط 2025، ضمن صفقة التبادل في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.
ويعد أبو طويلة، واحدا من مئات الفلسطينيين الذين اعتقلوا من قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتم إخفاؤهم قسرا وتعريضهم لأنواع شديدة من التعذيب، أكدتها مراكز حقوقية فلسطينية.
ـ الحياة بعد الإصابة
ولم تكن لحظة الإفراج نهاية لوجع أبو طويلة، بل بداية فصل جديد من المعاناة اليومية، فآثار التعذيب لا تزال محفورة في جسده، والحياة في الخارج لم تكن أقل قسوة.
ويقول أبو طويلة: “خرجت من السجن وأنا أعاني من إصابة في عيني، وحروق منتشرة على جسدي. لا أستطيع المشي في الأجواء الحارة، ولا أتحمّل ضوء الشمس”.
وأبو طويلة، مهندس كان يعمل ميكانيكياً في مدينة غزة، لكن إصابته بعد الأسر منعته من العودة لممارسة عمله، ويضيف “لا أستطيع العمل بسبب الحروق في جسدي، لم أعد أتحمل الحرارة، وحتى الهواء في الخارج يؤذيني”.
كما أن منزله الذي كان يأويه دمر خلال الحرب، وبات نازحاً من مكان إلى آخر، كما يقول.
وتابع: “كنا نحسب الأيام، نرسم في خيالنا لحظة الخروج، أن نرجع لعائلاتنا، نرى البلد من دون قيود. لكنّي خرجت إلى حرب أخرى.. إلى واقع لم يرحم جسدي المنهك”.
وشدد أبو طويلة، على أن يوم الأسير الفلسطيني، هو فرصة لكي يتحدث الأسرى المحررون عن معاناتهم ومعاناة زملائهم الذين لا زالوا داخل السجون، متمنياً أن تنتهي الحرب ويخرجون جميعهم.
وأضاف: “في يوم الأسير، أقول للعالم: نحن لسنا أرقامًا. نحن حكايات موجعة تستحق أن تُروى”.
وتابع: “أنا لست فقط محمد أبو طويلة.. أنا صوت آلاف الأسرى”.
أبو طويلة، أشار إلى أن “ما مررت به مرّ به مئات بل آلاف. صبرنا لا ينتهي، لكن هذا لا يكفي. اليوم، أنا هنا لأقول: نحن ما زلنا نحلم، ما زلنا ننتظر أن يسمعنا أحد”.
ويحيي الفلسطينيون هذا العام “يوم الأسير” بينما تواصل إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وحتى مطلع أبريل/نيسان 2025 تجاوز عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية 9 آلاف و900 أسير، بينهم 3 آلاف و498 معتقلا إداريا يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، وما لا يقل عن 400 طفل، و27 أسيرة، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
وقبيل الشروع بالإبادة في أكتوبر 2023، بلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال أكثر من 5 آلاف و250 أسيراً، بينهم نحو 1320 معتقلا إداريا و40 أسيرة، إضافة إلى 170 طفلاً.
ووثق النادي، استشهاد 63 أسيرا منذ بدء حرب الإبادة، بينهم 40 من قطاع غزة، آخرهم الطفل وليد أحمد.