عباس يريد نائبا للرئيس.. أما أن الاوان لتعديل البوصلة؟

اسيا العتروس
اذا كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتجه لاستحداث منصب نائب للرئيس والدعوة لاصلاح منظمة التحرير نتيجة لضغوط خارجية اقليمية ودولية فان المبادرة لن تفلح لعدة أسباب سنأتي عليها لاحقا, واذا الرئيس الفلسطيني يسعى فعلا الى هذا الاصلاح و هدم الهوة فان الاكيد أن الطريق يبدأ من الداخل لتجاوز الانقسامات وأزمة الثقة التي أفرزتها في المشهد الفلسطيني و التي قد لا نبالغ اذا اعتبرنا أنها تعمقت على وقع الابادة المستمرة في غزة وتفاقم الانتقادات الموجهة لاداء السلطة الفلسطينية التي سيتعين عليها الاستعداد الجيد لهذا الاستحقاق بعيدا عن التشنج و الانسياق و راء العواطف خاصة وأننا ندرك جيدا بالنطر الى مختلف التجارب التاريخية والسياسية أن عقلية الحاكم العربي مع السلطة عقلية ترفض الاخروتعتبر أنها وجدت لتبقى حتى اذا ما انتبهت الى أن الوقت ينفد عمدت الى محاولة استباق الاحداث بحثا عن الخلاص الفردي و ليس الجمعي و في الحالة الفلسطينية فان الامر لا يختلف كثيرا عن السائد و المألوف في عقلية الحاكم العربي حتى و ان اختلفت التفاصيل ..
نقول هذا الكلام مع بدء العد التنازلي لانعقاد الجلسة الاستثنائية للمجلس المركزي الفلسطيني خلال الاسبوع القادم وتحديدا في 23 و24 من أفريل الجاري بناء على دعوة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لاستحداث منصب نائب للرئيس مع تواتر الجدل مجددا والتساؤلات لا حول توقيت الدعوة وملابساتها ولكن و هذا الاهم حول أهدافها وما يمكن أن تفرزه في مثل هذا التوقيت للمشهد الفلسطيني في خضم التعقيدات و التحديات و المخاطر القائمة بدءا بحرب الابادة المستمرة في غزة والتي تقترب من عامها الثاني على التوالي مرورا بما يحدث في الضفة من اعتداءات وجرائم الاحتلال و تمدد الاستيطان و التهويد وصولا الى ما سيكون عليه مخرجات المفاوضات لانهاء الابادة واطلاق سراع الرهائن والاسرى وما سيكون عليه اليوم التالي في غزة ومعه مصير حماس و الجهاد و هي كلها أسئلة مشروعة و يتعين على السلطة الفلسطينية و حركة فتح التعاطي معها بجرأة بعد دعوة المفصولين والمستقيلين للعودة الى حضنها وبحثها بعيدا عن الحسابات المسبقة تحسبا لكل السيناريوهات بما في ذلك أن يدفع الامر الى مزيد الصراعات والانقسامات في المشهد الفلسطيني المحكوم بالانقسامات في مرحلة لا تحتمل المزيد ..
سيكون من المهم الاقرارأن في دعوة أبو مازن لاستحداث منصب نائب للرئيس ليس بالامر الجديد و طرح قبل نحو عشرين عاما منذ 2005 و لكن لم يتحقق لعدة أسباب من بينها الانفصال الحاصل بين الضفو و القطاع منذ انتخابات 2006 , كما أنه سيكون من المهم الاقرار أن أبومازن بالعودة الى احياء هذه الدعوة فانه يستشعر خطر احتمال وقوع الفراغ السياسي لاي سبب كان قد يفرضه الموت أوالمرض أو العجز علما و أنه يمكن ان يواجه المصير ذاته الذي واجهه ابو عمار في المقاطعة , وانه بالتالي يحاول استباق الاحداث وتنظيم المحطة التالية ما بعد محمود عباس ربما بالدفع الى ترجيح كفة أحد الاطراف التي يمكن أن يرى فيها محمود عباس انها قادرة على مواصلة المهمة في حال حدوث الفراغ بشكل مفاجئ و الحصول في نفس الوقت على الدعم و التاييد الاقليمي العربي والدولي ..
خلال القمة العربية الطارئة دعا أبو مازن الى استحداث منصب نائب للرئيس و لكن دون مزيد التوضيحات وقد يكون عباس اتخذ هذه الخطوة أيضا نزولا عند الكثيرمن الضغوطات الخارجية العربية و الدولية وهو اذا ما ثبت فلن يقدم للمشهد الفلسطيني ما يحتاجه في هذه المرحلة من تصويب للبوصلة و انقاذ للسفينة و معلوم ان أي تغيير مفروض من الخارج لا يمكن أن يلبي مطالب الشعوب وتطلعاتها و من هذا المنطلق فان الامر ينسحب على الشعب الفلسطيني الذي يعاني من جحيم الاحتلال و العدوان ..
حتى الان تشير الاخبار التي تم تسريبها من الضفة أن 180 عضواً في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دعوات للاجتماع في رام الله يومي 23 و24 من أفريل لاستحداث منصب نائب للرئيس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ينص النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية على أنه في حال شغور منصب الرئيس لأي سبب كان، مثل الوفاة أوفقدان الأهلية، يتولى رئيس المجلس التشريعي منصب الرئيس لمدة 60 يوماً تجري في نهايتها انتخابات عامة للرئاسة.المشكلة أن المجلس التشريعي نفسه قد لا يكون محل توافق بالنظر الى انتهاء و لايته منذ اكثر من عقدين ..
اعلان عباس استحداث منصب نائب للرئيس ارتبط ايضا بالاعلان عن الاستعداد لاجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل حال توفرت الظروف الملائمة لذلك …منذ 2005 لم تجراي انتخابات لتجديد الشرعيات بسبب الانقسام بين حركتي فتح وحماس. وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير قرر في 2009 تمديد ولاية أبو مازن والتشريعي لموعد لاحق، وسط آمال في المصالحة بين فتح وحماس تجري بعدها الانتخابات العامة, وليس هناك عاقل يعتقد أنه بالامكان اجراء انتخابات في الوضع الراهن والحال أن الاحتلال يواصل حرب الابادة المسعورة والتوحش على أهل غزة والضفة ..كلمة السراليوم في استعادة البوصلة المفقودة التائهة بين مختلف الفصائل والاكيد أن تربة فلسطين تبقى ولادة حتى في أحلك الاوقات و هناك من الاسماء و القيادات داخل و خارج سجون الاحتلال من يستطيع جمع الصفوف و ايقاف النزيف الحاصل وتعديل السياسة الديبلوماسية الفلسطينية في الداخل و الخارج نحو ازالة الاحتلال العدو الاول للشعب الفلسطيني ..نعم المشهد الفلسطيني كما منظمة التحرير وغيرها من الفصائل في حاجة لدماء جديدة و لربان يمتلك زمام المبادرة لانقاذ السفينة وتكذيب مقولة أن عقلية الحاكم العربي انفرادية متسلطة لا تقبل التشارك والتدوال ..ما أحوجنا الى ذلك ..
صحفية وكاتبة تونسية