هل سيكون الجنوب اللبناني أحد أبرز محطات تهجير أبناء غزة والضفة؟ ومن هي قيادة “حزب الله” العسكرية الجديدة التي قد تطلق الصاروخ الأول على تل ابيب ومتى ولماذا؟

هل سيكون الجنوب اللبناني أحد أبرز محطات تهجير أبناء غزة والضفة؟ ومن هي قيادة “حزب الله” العسكرية الجديدة التي قد تطلق الصاروخ الأول على تل ابيب ومتى ولماذا؟

عبد الباري عطوان

الخطاب “المتلفز” الذي ألقاه الشيخ نعيم قاسم أمين عام حزب الله قبل يومين، وأكد فيه أن حزبه لن يلقي سلاحه مطلقا، وأنه ليس ضعيفا، ويملك خيارات للرد على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، جاء من أهم وأخطر الخطابات منذ خلافته لسيد الشهداء حسن نصر الله، وتأكيدا لاحتمالات عودة وشيكة للمقاومة اللبنانية إلى ميدان المواجهات العسكرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي اخترقت وقف إطلاق النار أكثر من 2700 مرة حتى الآن.
أبرز النقاط الجديدة في هذا الخطاب يمكن تلخيصها في اثنتين:

الأولى: تأكيده بأن الحزب لن يسمح لأحد بنزع سلاح المقاومة، لأنه دعامة لها، وهي التي حررت الأراضي اللبنانية المحتلة، وحمت سيادة لبنان.

الثانية: الكشف للمرة الأولى عن أن إسرائيل تريد توسيع احتلالها للأراضي اللبنانية لتوطين الفلسطينيين الذين تريد إبعادهم من الضفة الغربية وقطاع غزة بقوة السلاح والتدمير وحرب الإبادة.

***

نتفق مع الشيخ قاسم بأن “حزب الله” ليس ضعيفا، ويملك خيارات للرد على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وانتهاكها ليس فقط لاتفاق وقف إطلاق النار، وإنما للسيادة والكرامة اللبنانية، فالحزب الذي حرر جنوب لبنان وانتصر في حرب تموز عام 2006 أقوى كثيرا بعد ربع قرن من هذه الانتصارات.
صحيح أن “حزب الله” تعرض لضربات قاسية تمثلت في عملية اغتيال لقائده التاريخي السيد نصر الله، وطاقم الصف الأول من قيادته، بعد عدوان البيجرات مباشرة، وتلتها إخراج المؤامرة الثلاثية الأمريكية الإسرائيلية التركية المشتركة سورية من محور المقاومة، بإسقاط النظام المقاوم فيها، واغلاق طريق الإمداد العسكري الإيراني عبر الأراضي السورية إلى الحزب، ولكن “قد يأتي الخير من باطن الشر”.
نشرح أكثر ونقول إن مصدرا وثيقا مقربا من صناع القرار في “حزب الله” أكد لنا أن الحزب لم يتعافَ فقط، بل استطاع أن “يصّعد” قيادة عسكرية جديدة شابة، أكثر دراية ودهاء من القيادة العسكرية القديمة التي تولت لأكثر من ثلاثين عاما، ومنعت الشباب بوجودها، وعدم تقاعدها بشكل طوعي، من أخذ مكانهم في الصف الأول القيادي.
وأضاف هذا المصدر حقيقة جديدة فاجأتنا، عندما وصل في حديثه اختصار الموقف بالقول “ان القيادة العسكرية الجديدة الشابة التي تجلس امام مقعد القيادة حاليا في الحزب هي التي “هندست” و”خططت” ونفذت غزوة يوم الاحد العظيم الذي إنهالت فيه الصواريخ الباليستية الدقيقة مثل المطر على تل ابيب وحيفا وعكا، وأصابت أهدافها بدقة متناهية، وأبرزها: غرفة العمليات الحربية للعدو، وأكبر قاعدة للاستخبارات في تل ابيب التي تضم الوحدة 8200 وأجهزة تجسس هي الأحدث في العالم، وتشكل العصب المركزي للاستخبارات الإسرائيلية، علاوة على إشعال العديد من الحرائق، وإرسال أكثر من ثلاثة ملايين مستوطن على الأقل الى الملاجئ، الأمر الذي دفع عاموس هوكشتاين المبعوث الأمريكي الصهيوني الى الطيران فورا الى بيروت لتمرير وقف اطلاقا النار.
السيدة مورغان اورتاغوس السفيرة الأمريكية في لبنان، تحلت بأبلغ صور الوقاحة عندما سخرت من خطاب الشيخ قاسم، والفقرة التي وردت فيه حول رفض الحزب تسليم سلاحه، واستخدمت كلمة “تثاؤب” فقط، وهو رد لا يعكس الغطرسة فقط، وإنما الجهل المطلق بلبنان، وحزب الله، والمنطقة بأسرها، وربما تندم وحكومتُها شديد الندم على هذه الوقاحة في الفترة المقبلة.

***

سلاح “حزب الله” أصبح ضرورة استراتيجية لا يجب الاقتراب منها، خاصة بعد المجازر التي ارتكبتها عصابات مسلحة موالية للنظام الجديد في دمشق في منطقة الساحل الشمالي السوري، ومن منطلقات طائفية معادية. مضافا الى ذلك ان مواصلة الاعتداءات والاغتيالات الاسرائيلية لقيادات في الحزب، ورفض الالتزام بوقف اطلاق النار، والانسحاب الكامل من جنوب لبنان لا تحتم الاحتفاظ بهذا السلاح بل تطويره أيضا.
عندما اكد الرئيس ترامب قبل أسبوع تقريبا بأن الخطر الأكبر الذي يهدد الحرب الامريكية وفرص نجاحها في اليمن، وإعادة الملاحة الدولية الى سابق عهدها في البحرين العربي والاحمر، ان الصواريخ الباليستية البرية والبحرية والجوية التي تستخدمها وحدات “انصار الله” العسكرية هي صناعة يمنية بحتة، وليست قادمة من الخارج، فهذا يعني ان القاعدة نفسها تنطبق على “حزب الله” في لبنان، ويؤكد ان الحزب أيضا لا يعتمد كليا على تهريب الأسلحة الإيرانية الى لبنان، وانما على قدراته الذاتية، فالعقول موجودة والمواد اللازمة متوفرة، والخبرة الإنتاجية متطورة وما زالت في أماكنها، والتنسيق اليمني اللبناني في المجالات العسكرية في ذروته هذه الأيام، حسب المصادر القريبة من الجانبين، مضافا الى ذلك ان طرق التهريب البديلة متوفرة دائما، برا وبحرا وربما جوا أيضا.
بإختصار شديد نحن في انتظار الصاروخ الأول الذي سينطلق من الأراضي اللبنانية باتجاه تل ابيب، ويبدو أنه قد بات انطلاقه وشيكا خاصة أن كلمة الشيخ نعيم قاسم الأخيرة توحي بذلك وتؤكد أن الكيل قد طفح.. والأيام بيننا.