غزة بين حصار وتجويع.. فلسطينيون ينبشون النفايات بحثا عن حياة

غزة بين حصار وتجويع.. فلسطينيون ينبشون النفايات بحثا عن حياة

غزة / محمد ماجد / الأناضول
في مشهد يلخص قسوة الحصار وويلات الإبادة الإسرائيلية، ينبش فلسطينيون بينهم أطفال، أكوام النفايات بمدينة غزة بحثا عن بلاستيك وكرتون وخشب، في محاولة يائسة لتوفير مصدر نار بديل لغاز الطهي الذي أصبح نادرا في القطاع.
وسط رائحة العفن والقذارة والميكروبات، ينحني أحد الأطفال فوق كومة نفايات يبحث بعينين منهكتين ووجه شاحب عن قطعة بلاستيك أو خشب قد تساعده في إشعال نار يطهو بها قليلا من الطعام له ولعائلته.
** البحث عن الكنز
الطفل الذي يسكن خيمة لا تقيه حر الصيف ولا برد الشتاء، يعتبر تلك القطعة الصغيرة “كنزا”، بعدما حرمته الإبادة الإسرائيلية من مقومات الحياة الأساسية.
وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن حرب الإبادة الإسرائيلية حولت جميع فلسطينيي غزة إلى فقراء، ما يعني أنهم عاجزون عن توفير أدنى مقومات الحياة لعائلاتهم من أغذية ومياه.
مشهد العذاب يتكرر يوميا، حيث ينتشر الأطفال والرجال على مكبات القمامة، أيديهم في النفايات وقلوبهم متعلقة بأمل هش في الحصول على لقمة أو رزق يسد الجوع.
ولا يكترثون كثيرا للأمراض المحتملة، فخطر الإصابة بعدوى أو تسمم لا يقارن في نظرهم بخطر الجوع أو القصف الإسرائيلي المفاجئ.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
فيما حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، من اقتراب غزة من حالة “الجوع الشديد للغاية” جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.
هذه المرحلة الجديدة من المجاعة، تأتي في وقت لم يتعافَ فيه أصلا فلسطينيو غزة من موجة سابقة، إذ عمدت إسرائيل خلال عام ونصف من الإبادة إلى تقنين المساعدات الواصلة إلى القطاع ما حرم مئات الآلاف من العائلات الفقيرة الحصول على حصصها الغذائية المجانية.
** دخل بسيط
وقال أحد الشبان الفلسطينيين للأناضول، وهو ينبش النفايات: “نأتي لجمع الكرتون والورق والبلاستيك لتوفير مصدر دخل بسيط لأسرتي، ونستخدم القليل منه لطهي الطعام”.
وأوضح أن عمله يجمع من خلال ما بين 10 إلى 20 شيكلا (نحو 2.7 ـ 5.5 دولارات).
وأضاف: “كل غزة على هذا الحال، والأولاد الصغار يأتون للبحث بسبب عدم توفر غاز الطهي، فالكرتون والحطب والنايلون أصبحت مصادر الوقود في غزة”.
وأكد أنه يلجأ إلى النفايات كي يجد ما يطعم به أطفاله.
والأسبوع الماضي، قالت منسقة الأمم المتحدة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط ومنسقة الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاغ، إن أكثر من 60 ألف طفل دون سن الخامسة في قطاع غزة يعانون سوء التغذية، وذلك على هامش مشاركتها في “منتدى أنطاليا الدبلوماسي”.
وفي 18 مارس/ آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني 2025، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت نحو 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.