شمس الدين العوني: الفنانة التشكيلية هناء بن أحمد الصدي: أسعى لأن أكون صادقة وشفافة في عملي الفني ولذلك كانت لوحاتي مكتظة بالمشاهد والحنين.. وفلسطين في البال”

شمس الدين العوني
في هذه الدروب المفعمة بهواجس و أحلام و أمنيات الكائن يظل الفن في حيز منه فكرة للشغف و الذهاب المكلل بالغرام حيث العبارة ترجمان أحوال و عنوان لافت للقول بما يعتمل في الدواخل نشدانا للذات و هي تعلي من شؤون و شجون رغباتها في عالم يأخذه الضجيج و التداعيات و السقوط المريب..انها أمنيات الفنان التي ترافقه لتصبح الخطى و النهج في هذه العوالم المحفوفة بالجمال يواجه القبح و يمضي نحو عناوينه في الأشياء و العناصر و الأمكنة..
و الفن و منه الابداع الجمالي و التشكيلي واحد من مجالات العبارة و مشتقاتها وفق نظرات الفنان الى ذاته و الى الآخرين حيث السير كشفا و ابتكارا و تخيرا للكامن في الكينونة من ممكنات النشيد الملون ..و هكذا تغدو فكرة الفن و لعبة الابداع التشكيلي نحو ما به الذات تستعيد شيئا من جوهر العناصر ..
في هذه السياقات كانت فكرة الرسم و التلوين بمثابة الحلم الأول في حياة ذات هزها الشغف باللون و الرسم منذ طفولة مبكرة حيث الخربشات المشيرة الى البدايات ..هي الطفلة التي هزها نشيد اللون و أصواته المبثوثة على القماشة وفق تعبيرية حالمة تجاه المشاهد و الأمكنة و التفاصيل في كثير من الحنين و الشوق للمكان و الزمان ..تنوعت اللوحات و تعددت المشاركات الفنية ليظل الحب للفن و الرسم و الابداع التشكيلي العنوان الأبرز و خاصة الآن في هذه التجربة و المسيرة الفنية.
الفنانة التشكيلية هناء بن أحمد الصدي لها عديد المشاركات الفنية منها “الشهر الوطني الفنون” لاتحاد الفنانين التشكيليين و معرض “بزوغ ابداعي” للجمعية التونسية لعصاميي الفن التشكيلي و معرض جماعي بمناسبة شهر التراث و برواق يحيى و بالنادي الثقافي الطاهر الحداد …تلقت دروسا بالنادي الثقافي “Dante Alighieri ” وتحصلت على الجائزة الأولى و كان لها معرض شخصي بالنادي الثقافي الطاهر الحداد بعنوان “حنين” و ذلك سنة 2007 و عدد اللوحات المعروضة “24 لوحة” كما تم اقتناء لوحة معروضة بعنوان “travail de laine ” من قبل لجنة اقتناءات الأعمال الفنية بوزارة الشؤون الثقافية. هذا و تواصل الفنانة هناء مشوارها الفني من خلال الاعداد لأعمال فنية جديدة ضمن التحضير لمعرض فني في ربوعها و موطن ولادتها مدينة أكودة قولا بالجذور و الحنين و العرفان تجاه المكان و هي التي عاشت في تونس بعد ولادتها بالساحل الذي تذكر مشاهده و عاداته و تقاليده .
و بخصوص تجربتها و بداياتها الفنية و تلمساتها الأولى نحو عالم الخطوط و الرسم و الألوان تقول “…في تلك السنوات من الطفولة المفعمة بالحيوية و البراءة و الحلم و بعد ولادة بجهة الساحل تسرب ذاك الولع بالخطوط و الرسم و التلوين و تلك الخربشات التي تتلمس الطريق الى الفن… وصولا الى المرحلة الثانوية حيث بدأت الملامح الأولى لهذا الشغف بالرسم حيث كنت أرسم لأصدقائي في المرحلة الثانوية من الدراسة و كان الغرام بالرسم يأخذ من وقتي بالمنزل حيث كان الفنان الناصر بالشيخ قريبي بالعائلة و يقطن بالقرب منا و تطور الأمر الى نشاطي بنادي الرسم في المعهد و التقيت بعد ذلك بالفنان الراحل نورالدين لمام الذي كان يشجعني حيث عملت معه في ورشة بنهج انقلترا ..و في فترة شبابي أنجزت بعض اللوحات ثم تركتها و لسنوات طويلة ابتعدت عن فن الرسم لشؤون الحياة و العائلة ثم كانت عودتي سنة 2007 و كان معرضي الشخصي الأول بفضاءات العرض بالنادي الثقافي الطاهر الحديد بالمدينة العتيقة ثم توغلت أكثر في تجربة الرسم و انقطعت ثانية لأعود منذ أربع سنوات بعزم و رغبة و باصرار على المواصلة و عدم الانقطاع مهما كانت الظروف.
قدمت أعمالي في معارض اتحاد الفنانين التشكيليين الذي انخرطت ضمنه و اقتنت الدولة أعمالي ضمن هذا النشاط ..في تجربتي الفنية أرى و أشعر أن الفن يخرجني من الاطار الروتيني الذي أنا فيه لأعبر عن ذاتي و كياني و هواجسي و أحلامي الجمة ..هناك تجارب مهمة في تونس و العالم و أنا كان تأثري بفنان ايراني كبير و في تونس اعجبت بتجارب القرجي و التركيين و عمار فرحات و الصادق قمش ..و حلمي أن تكون أعمالي الفنية معبرة عني و أن تحمل لوحاتي بصمتي لأكون معروفة من خلال لوني الفني .
شاركت في معارض متعددة منها معارض اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين و مع العصاميين في الفن التشكيلي و المعارض في مجملها مناسبات مهمة للتواصل مع الواقع الفني و الفنانين و الفنانات في المشهدية التشكيلية في تونس و كذك تعبير عن وجودي في الساحة الفنية التي غبت عنها لسنوات ..
أسعى لأن أكون صادقة و شفافة في عملي الفني و لذلك كانت لوحاتي مكتظة بالمشاهد و الحنين على غرار لوحات المدينة و سيدي بوسعيد و هذا يعني لي تكامل الحياة و الجمال و هو ما نسعى لرسمه ..ففي لوحات الكبار و الشيوخ بالمقهى تعني التعبير عن الشخصية و تاريخها و ما قدمته للناس و للمجتمع ..أنا أرسم ما أحسه و أشعر به في عمق و قد رسمت “حومتي” لما تضج به من حركة و أصوات و حياة و حنين و تاريخ..فكل لوحة رسمتها فيها شيء مني و هي باحساسي و حساسية غيري ..أرسم ذاتي و الآخرين بأفراحهم و آلامهم و مختلف أجوائهم .
رسمت لوحة عن القضية اللسطينية و منها الباخرة الأمريكية التي استهدفها الحوثيون دعما لفلسطين و غزة و القدس و كذلك الجدار العازل بتقنية خاصة حيث يختلط التراب بالدم..و أنا كفنانة أرى أن القضية الفلسطينية هي قضية وجود فالفنان عليه التفاعل مع الانسان و قضاياه و دفاعه عن جذوره و هويته و أرضه و هذا هو شأني في التعاطي الفني التشكيلي مع فلسطين..”.
الفنانة هناء بن أحمد الصدي تعيش هذا الشغف المفتوح بالفن و تسعى لمعرضها الشخصي الثاني بربوع الساحل بمدينة أكودة حيث الولادة التي عرفت بعدها و في العاصمة و ضمن مسيرتها المعارض و المشاركات الفنية الجماعية بين فضاءات رواق يحيى و النادي الثقافي الطاهر الحداد و كنيسة سانت كروا و قصر خير الدين…