زهير الشرمان: الضبع الأقرع الذي اقتحم المنصب

زهير الشرمان: الضبع الأقرع الذي اقتحم المنصب

زهير الشرمان
هيبة لا تستعار وعدل لا يقايض وحارس تقف عند ظله الذئاب ويصمت في حضرته الغدر  ،يبقى العرين الكبير حيث الزئير دستور والأسد سيد التخوم.

الحيوانات لاتحتاج إلى قانون مكتوب فالأمان كان يصاغ من هيبة الاسد لا من هراوة الحارس والعدالة ترى في الأفعال  وليس في ترديد الشعارات.

في ذلك النظام الراسخ تسللت يد ناعمة طردت سابقا من سرب الطيور الجارحة بعد أن اكتشف أنه لا يمت للصقور بصلة، لكنه يعرف كيف يبتسم للكاميرات ويوقع بالعشرات ويبني ما لا يحتاج اليه بحجة تطوير الغابة.
كان ذاك هو امين الغابة الجديد لتلك الحديقة الوادعة العادلة المطمئينة،
لقب ثقيل لكنه خفيف على ضميره.

بدأ بعبارة مألوفة
سنجدد البنية التحتية للغابة
ففرح الجميع فمن لا يحب التطوير.

بدأت المشاريع
ابنية تهدم ثم تعاد بناؤها
أعمدة تستبدل رغم أنها لم تستخدم
لوحات تتغير أسبوعيا تحت شعارات براقة كل مرة الغابة تتجدد.

أرادت الحيوانات أن تفهم ما الذي يبنى فعلا وما الذي نحتاجه، لكن الضبع لم يكن يرد كان مشغولا بتوقيع عقود عربات مساعديه الفارهة ،عربات لا تركبها الأسود ولا تقل المرضى، بل تصنع خصيصا لتبهر الاعلام وتبهر الأرصدة.

سئل يوما لماذا عربات من ذهب؟
فرد بابتسامة مزخرفة
لأن الغابة تستحق صورة حضارية تليق بمكانتها.

قالت السلحفاة لكننا لم نر بعد مدرسة جديدة أو عيادة لخشاف الظباء، فأجابها أحد الغربان وهو يمسك بدفتره المختوم ،الزينة أولا والمحتوى  ياتي لاحقا.

أما الخلد مهندس الأنفاق فكان من أخلص أصدقاء الضبع في المصلحة
كل مشروع يمر عبره
كل حفرة لها ميزانية
كل طلاء يكلف أكثر من سقف بيت النمر.

وحين ضججت البومة من أعالي الاشجار صاحت
لم أر في التاريخ أمينا يوقع أكثر مما يقرأ ويبني أكثر مما لا لزوم له.

لكن لا أحد كان يجرؤ على الشكوى علنا
لان الكل يعرف يقينا أن الأسد لا يلام فهو مشغول بحراسة الحمى ويراقب التخوم أما داخل العرين فهناك من استغل اسمه ولم يجسد روحه وفكره.

وذات مساء اقترب سنجاب صغير من أرشيف العقود ظنا منه أنه مخزن للجوز فأسقط صندوقا ممهورا بختم سري
سقطت العقود تبعثرت الأرقام كشفت دفاتر الإنفاق.

في اليوم التالي هطل المطر وسقط سقف أحد الانشاءات العاجلة فانكشفت الفواتير ورأى الجميع أن الخزائن فتحت على مصراعيها ،لا للغابة بل للأنياب الملمعة والبطون المتخمة.

عندها فقط نطق القنفذ
الأسد  يبذل حياته ليحرسنا من العدو ،لكن من ينقب ويكشف لنا عن أعداء الداخل.

فهمت الغابة الدرس
ليس كل من يسكن قرب العرين حاميا له
وليس كل من يرفع شعار التطوير أمينا على الموارد.

الأمانة لا تقاس بعدد العقود والتواقيع بل بصدق النية وشفافية النفق ومن فقد الأمانة لا يحمي العرين ولو جلس بقربه.

هذا النص أدبي رمزي خيالي على لسان الحيوانات وأي تشابه مع الواقع هو محض صدفة غير مقصودة.