فلسطين: رؤية جديدة في كتابات السيد بدر البوسعيدي

فلسطين: رؤية جديدة في كتابات السيد بدر البوسعيدي

 

 

موسى الفرعي
يُدعى معالي السيد بدر البوسعيدي وزير الخارجية إلى الحديث في منتدى “حوار طهران”، فيطير من مسقط حاملًا في روزنامته عدة أوراق سُطِّر عنوانها باسم “فلسطين”؛ فلا موضوع يستحق أن يُناقش قبله، ولا حديث ينبغي أن يُسمَع إلا هو، فما يحدث لأشقائنا من مجازر مروّعة يجب أن يُنادى به في كل محفل؛ لعلّه يكون (ذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).
وعندما اعتلى معاليه المنبر رآه الحاضرون فلسطينيًا يذود عن بلاده بسلاح الكلمة، وعُمانيًا يدافع عنها بلسان الأخوة، وعربيًا يناضل عنها بشعار النخوة، وعالميًا يتحدث عنها بدوافع الإنسانية التي نصّت عليها جميع الشرائع والأديان منذ أبينا آدم حتى خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ورغم كونه وزيرًا لخارجية سلطنة عُمان التي تقع في منطقة تواجه مجموعة من القضايا، إلا أن الحوار لا يُبدأ إلا بفلسطين، فهي “فاتحة النهار” لكل نقاش، وكيف لا؛ والعنف والإبادة الجماعية التي ما يزال يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق أصبحت مأساة عالمية، في وقت يصم فيه البعض آذانهم عن الحوار، ويغلقون أعينهم عن أرقامها المهولة، ومشاهدها المؤلمة.

وكما كان الروائي الفلسطيني غسان كنفاني يشرح لقرّائه مآسي بلاده بقلمه، كان معالي السيد بدر يستعرض بلسانه المبين لحضور المنتدى “الحبكة” في روايتنا الفلسطينية؛ فمنذ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في عام 1995م ورفض الحكومات المتعاقبة في تل أبيب الدخول في حوار موضوعي حول القضية واستمرارهم في انتهاك القانون الدولي؛ أصبح أشقاؤنا الفلسطينيون بدون شريك موثوق به للحوار، مع فشل دولي وشروط تعجيزية استبعدت أي حل مأمول.

وككل فلسطيني يزرع غصن الزيتون ليحصده في المستقبل؛ يُعبِّر السيد بدر عن أمله وتفاؤله المبنيين على قراءة حصيفة للمشهد، وحنكة دبلوماسية تستند إلى مؤشرات على تبلور نهج جديد في واشنطن لتطوير نهج أكثر واقعية وأكثر مرونة بشأن الشريك المناسب للحوار، إضافةً إلى التفاؤل بتصريحات أحد كبار مسؤولي حركة المقاومة “حماس” بشأن وجود اتصالات بين الحكومة الأمريكية والحركة؛ وهو ما يشير إلى “القدرة والإرادة” لتحقيق السلام.

“إن الحوار ليس سهلًا، وسلطنة عمان ملتزمة بالسير في مساره الصعب”؛ بهذه العبارة يختم معاليه كلمته ويجمع أوراقه التي وإن رُسِمت ديباجتها بشعار “السيفين والخنجر” إلا أن عنوانها ومتنها يبقى “غصن زينون”، فيصفِّق الحاضرون لرجل رأى الآلام التي يعيشها الفلسطينيون، فيستعير لسان أحمد مطر:

يا قدس يا سيدتي .. معذرة

فليس لي يدان

وليس لي أسلحة

وليس لي ميدان

كل الذي أملكه لسانٌ

والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة

والموت بالمجان!

كاتب عُماني