مخيمات الهول والروج في سوريا: من يخشى من طفل فقد كل شيء سوى ذكرى والدته؟ وما موقفنا من الاستغلال الجنسي؟

سعد الدالاتي
على أطراف الصراع السوري، بعيدًا عن عدسات الإعلام وقاعات السياسة، يعيش ما يزيد عن خمسين ألف شخص—أغلبهم من النساء والأطفال—في ظروف احتجاز قسرية داخل مخيمي الهول والروج، دون محاكمة أو حماية قانونية أو رعاية إنسانية تليق بكرامتهم كبشر.
ورغم أن العديد من هؤلاء لم يُتهموا بجرم محدد سوى انهم عوائل المقاتلين أجانب ، إلا أن وجودهم تحت السيطرة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) جعلهم عرضة لسلسلة من الانتهاكات الصارخة، في ظل غياب كامل لأي رقابة دولية فعلية، وتجاهل متعمد من الحكومة السورية.
غياب الأساس القانوني للاحتجاز
يُحتجز آلاف النساء والأطفال في الهول والروج خارج أي إطار قانوني معروف فلا توجد لوائح اتهام رسمية. ولا تمثيل قانوني ولا محاكمات ولا وجود لأية جهة مستقلة توثق أو تراجع هذه الحالات.
تستند الإدارة الذاتية على “الاشتباه السياسي أو الأمني” لتبرير هذا الاحتجاز الجماعي. وبذلك، يتحول الخوف الافتراضي إلى أساس لحرمان إنسان من حريته وحقوقه لسنوات.
عدد كبير من النساء أفدن أنهن لم يُعرضن على أي هيئة قضائية منذ سنوات، وأن وجودهن داخل المخيمات لا يستند إلى وثيقة واحدة موقعة أو مختومة من سلطة شرعية.
ويُحرم الأطفال الذين وُلدوا في هذه المخيمات من تسجيل رسمي أو وثائق تثبت وجودهم القانوني، مما يخلق جيلًا كاملًا مهددًا بفقدان الجنسية والهوية.
هذه الممارسات تمثل خرقًا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحظر الاعتقال التعسفي وتلزم بضرورة المحاكمة خلال فترة زمنية معقولة أو الإفراج
انعدام الحماية من الاعتداءات والانتهاكات الجنسية
انتهاكات مخالفة صارخة لاتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)، ولاتفاقية سيداو الخاصة بحماية النساء في النزاعات
في تقرير نشرته منظمة العفو الدولية في نوفمبر 2021 بعنوان “النساء العربيات والاوروبيات المحتجزات في مخيم الهول يتعرضن للاستغلال الجنسي”، أُشير إلى أن نساء كثيرات كنّ يُجبرن على تقديم خدمات جنسية مقابل الحصول على الغذاء أو الحماية، في ظل غياب آليات شكوى موثوقة.
كما أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقارير متعددة أن النساء داخل المخيمات يُحجَبن عمدًا عن أي حماية من العنف الجنسي، وأكدت أن البنية القانونية والإدارية القائمة تعوق أي مساءلة فعلية.
وفي شهادات جمعها صحفيون استقصائيون من شبكة ICIJ ومراسلون بلا حدود، تحدثت نساء عن مضايقات متكررة، وبيئة خوف، وشعور دائم بانعدام الأمان الجسدي والنفسي، دون أي إمكانية للجوء إلى جهة حيادية.
أما لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة فقد أوردت في تقاريرها لعامي 2022 و2023 إشارات إلى أن النساء في المخيمات “يواجهن خطر الاستغلال والعنف الجنسي في غياب الحماية والمحاسبة”.
كل ذلك يُعزز الحاجة إلى فتح تحقيق دولي عاجل وشامل، يُفضي إلى محاسبة المتورطين، وتعويض الضحايا، وإنشاء آلية شكاوى ميدانية فعّالة وآمنة، تحفظ كرامة النساء وتحمي أجسادهن من الاستباحة والابتزاز
عدم وجود آلية تحقيق مستقلة، وغياب رقابة أممية، يسهّل هذه الانتهاكات ويحول دون مساءلة الجناة، مما يمثل خرقًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، ولاتفاقية مناهضة العنف الجنسي في النزاعات المسلحة.
كارثة صحية لا تجد من يتدخل
الوضع الصحي داخل المخيمات يُعد كارثيًا بكل المقاييس:
البنية التحتية الطبية شبه معدومة.
المرافق المتاحة تفتقر للكهرباء والمياه النظيفة.
لا أطباء متخصصين أو خدمات إسعافية فعالة.
تُسجَّل حالات وفاة بين الأطفال نتيجة أمراض يمكن علاجها بسهولة خارج المخيم. تشمل أبرز الأمراض المنتشرة: الإسهالات الحادة، الحمى، السل، والالتهابات الجلدية والجروح التي لا تُعالج.
أما النساء، خصوصًا الحوامل، فغالبًا ما يُواجهن الولادة دون إشراف طبي، ما يُعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.
كل هذه المؤشرات تُشكل انتهاكًا مباشرًا للمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تضمن “الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه”.
الأمن الغذائي: الجوع يفرض منطقه
يعاني سكان المخيمات من نقص مستمر في الغذاء والمياه النظيفة.
الوجبات التي تُقدَّم لا تتناسب مع الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية اليومية. وقد وردت شهادات عن:
استخدام الطعام وسيلة ضغط وابتزاز.اضافة لتكرار حالات التسمم الغذائي، خاصة للأطفال.
وندرة الحليب والأدوية الأساسية للأطفال الرُضع.
بالإضافة لتقنين الحصص الغذائية، دون مبرر شفاف.
كما تنتشر تجارة الغذاء داخل المخيمات بشكل غير قانوني، وتخضع لسلطة أمر واقع، ما يجعل البقاء على قيد الحياة أمرًا مشروطًا بعلاقات شخصية مع المتنفذين أو العناصر المسيطرة.
ازدواجية المعايير الدولية: إنسانيتهم أقل؟
المفارقة الأخلاقية الكبرى تكمن في ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع ملف الاحتجاز. ففي حين يُحتضن المعتقلون المتهمون بالإرهاب في الدول الغربية بإجراءات عدالة وضمانات قانونية شاملة، يُترك أطفال الهول والروج للمجهول.
هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا جرمًا، ومع ذلك يُحتجزون لأجل غير مسمى. أما النساء، فكثيرات منهن دخلن المخيمات مرغمات على مرافقة أزواجهن أو فررن من الحرب، ليُعاملن كخطر دائم، دون فرصة للدفاع عن أنفسهن.
المبادئ التي تُستخدم لتبرير حماية السجناء في الغرب تتبخر أمام الحدود السورية.
التوصيات
فتح تحقيق دولي فوري في قضايا الاغتصاب والتحرش والاستغلال الجنسي داخل المخيمات، وضمان آليات شكاوى محمية للضحايا.
تدويل إدارة المخيمات أو إخضاعها لإشراف مباشر من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
توفير محاكمات عادلة أو إطلاق سراح المحتجزين الذين لم تُثبت بحقهم تهم محددة.
إجلاء النساء والأطفال غير المرتبطين بجرائم مؤكدة إلى بلدانهم أو إلى برامج إعادة تأهيل محايدة.
تأمين ممرات إنسانية للرعاية الصحية والغذائية، وفصلها عن السلطات العسكرية.
من المسؤول اليوم :
في حديثها المتكرر عن السيادة ووحدة الأرض فالحكومة السورية بقيادة الرئيس احمد الشرع هي المسؤول الأول عن حماية كل شخص فوق تراب الجمهورية العربية السورية بما في ذلك من وافدين شرعيين او غير شرعين (مع الاخذ بعين الاعتبار مقاتلي الهيئة سابقا الأجانب وعائلاتهم ) وان يسري عليهم ذات القانون الذي سرى على غيرهم وأن تشرف على محاكمتهم ان كان خارجين عن القانون او تامينهم الى ملاذ امن في حال كانو غير مذنبين وبكلتا الأحوال من واجب الحكومة ان تتصرف فكما عقدت اتفاق افضى بخروج معتقليها من سجون قسد يجب عليها العمل على هذا الملف ليس فقط بشكل قانوني بل بشكل انساني عاجل
صحفي ومدون سوري