ياسين الرزوق زيوس: العدالة الانتقالية والتنمية الشاملة كجزء من هوية الدولة السورية الواحدة، بواسطة الحق بدلاً من استخدام العنف والفوضى!

ياسين الرزوق زيوس
في السلطة ناور على رفع ياقة العروش في أيّ فراغٍ يدور حول مبتغاك لكن في الوطن لا تراهن على قهر النفوس بتكبير دائرة النعوش، لأنّ الوطن هو القضية التي لا مجال لتفريغ خانات الانتماء منها مهما وُضِعت مماحٍ على طاولات سلطتك عظمت أم قلّ شأنها ، و على هذا لا بدّ من ضبط دائرة الأمن كي لا يصبح الانفلات الأمنيّ بلا شكلٍ هندسيٍّ واضح يمكن حصره أو ضبطه أو التعامل معه كما يجب في اللحظة المناسبة بغض النظر عن هويّة المنخرطين في هذا فمن يجب أن يحاسب و أن يعيد حقوق الناس هو عقل الدولة و زند سلطاتها الواحد لا عقل الجمع الكبير و زنوده المنطلقة من العاطفة التي نحترم آلام حامليها لا من القانون و الانضباط ، و على هذا الدولة تحاسب بعقل منضبط بينما الجمع يتصرّف بعقول شتّى…..
يقول الله عزّ و جلّ :(لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنّهم قومٌ لا يعقلون ) فليتعلّم الإنسان من هذه الآية المباركة توحيد العقل الوطنيّ المنطلق من أنّ السوريين جميعاً بكافة مشاربهم و توجّهاتهم يجب أن يتوحّدوا على حماية وطنهم السوريّ بالعقل العادل لا بتفريغ العقل من مضامين العدالة من خلال الانسياق وراء الأحقاد و زرع المصائر الانتقامية في كلّ بقعة سورية ، و لعلّ حصر السلاح بيد الدولة هو التعبير الأمثل عن بدء رصّ الصفوف و بدء العمل بعقل دولةٍ واحد لا بعقولٍ شتّى فرادى خارج مسار الدولة و العدالة الانتقالية …….
قال الله تعالى:(وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)
منهج الآيات القرآنية يوضّح بشكل لا لبس فيه حجم الإنسان و عدم جواز التجاوز على بقيّة الناس بأحجام غير مخوّلة بتخطي مساراتها فهناك أمور واضحة في هذه الآيات أمور اختصاصية بيد الله عزّ و جلّ و هو وحده الذي يفصل فيها سواء بما يخصّ الإنسان نفسه أو بما يخصّ الوطن برمّته و هذه اختصاصات لا يمكن تجاوزها و التعدي عليها من أيٍّ كان ، و بين يديّ الله سيعرض الجميع فرادى !
و هنا الدولة الجامعة تقوم مقام الله في الأرض لا عقول الناس الفرادى فنتمنّى أن تكون يد الدولة الطولى العليا فوق كلّ مساحةٍ من مساحات الوطن كي لا يكون الإنسان أول ما يكون ضحية نفسه إن لم يكن ضحية نفوسٍ أخرى !…….
يقول الله كلمته الفصل بين عباده و هذا القول(الآية الكريمة) من اختصاص الله وحده جلّ جلاله :(﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾)
لست أنا هنا في وارد الخوض في مسار المعتقد و العبادات ما بين الدنيا و الآخرة لكنّ ما يجري من خلط الحابل بالنابل و التعدّي على اختصاص و صلاحيات الدولة الحقيقيّة العادلة التي تقوم مقام الله في الأرض يجعل الدخول في مجال الإيضاح أمراً لا بدّ منه كي يعرف كلّ إنسان ما له و ما عليه لأنّ الله بعظمته و جلاله لن يغفل عن شيء ، و بالطبع هناك من يؤمن بالغيبيات و هناك من لا يؤمن بها و الفصل بين من يؤمن و من لا يؤمن خارج اختصاص البشر أمّا الأرض فيسودها القانون الوضعيّ و من يخالف هذا القانون يحاسب حيث أنّ أهم صلاحيات الدولة تحديد هذا القانون و ضوابطه بعد نقاش شفّاف و عميق بين كلّ مكوّنات الوطن الواحد ، أمّا من حيث المعتقدات فلا سلطة لأحد على أحد و إنّما السلطة بيد الله و فقط الله حيث قال سبحانه و تعالى 🙁 ليجزي الله كلّ نفسٍ ما كسبت إنّ الله سريع الحساب )
سورية في مخاض دولي شامل حول تعريف الدولة و شكلها و ملامحها و اقتصادها و طريقة تعريف المواطنة داخلها ليتسنّى لكلّ إنسان يعشق هذا الوطن الانتماء الحقيقي له بعيداً عن مفاهيم المراوغة و الخوف و النفاق ، و عورة الأوطان تكون بترسيخ الجهل بين المواطنين لا بجسد امرأةٍ لا ترغب أن تكتّفها حبال التقييد مع مراعاة عقول و بنية كلّ حالة مجتمعية مكانية و زمانية في هذا الوطن المنهك إلى حدّ التأرجح و السقوط……
في مؤسّسة القيامة السورية الفينيقية يقترب الفينيق من قيامتها كي يقوم بها فهل يدرك عبّاس بن فرناس بعد كلّ هذا الحشد العالميّ أنّ السقوط من دون صناعة ذيل بديع هو خطأ فظيع سيدفع ثمنه مواطن يبقى ممسكاً بخيط خلاصٍ مهما تبدّل من سميكٍ إلى رفيع !…….
نتمنّى على الرئيس الشرع أن يعيد دائرة المفاهيم إلى حضن الدولة و الوطن كي يتمّ تطويعها لمصلحة المواطن فلا عدالة من دون دولة و لا معنى لانتقال من دون بنيان فهل ندرك معاً أين نرمي سنّارة الحبّ كي نطعم الإنسان بدلاً من شيّه على مذبح و جمر الأوطان في أيّ عصرٍ كان؟!…….
سورية حماة