د. معن علي المقابلة: المقاومة ليست موضوع اتهام، بل سبب فخر.

د. معن علي المقابلة: المقاومة ليست موضوع اتهام، بل سبب فخر.

د. معن علي المقابلة

في زمنٍ تُقلب فيه المعايير، ويُحمّل الضحية عبء الجلاد، نرى من يحمّل المقاومة الفلسطينية مسؤولية الحرب، ومن يطالبها بالاستسلام تحت ذريعة الحفاظ على الأرواح. وكأن الاحتلال، الذي يمارس القتل الممنهج والتطهير العرقي منذ أن وطأت أقدامه أرض فلسطين، سيكفّ عن الإبادة لو أن المقاوم ألقى سلاحه.

هذا الخطاب المسموم يعيدنا إلى السؤال الأخلاقي الأهم:
هل يُلام من يقاوم الظلم؟ أم يُلام من صمت عنه، أو تواطأ معه، أو عجز عن مواجهته؟
عندما ننظر إلى تجارب الشعوب التي نالت حريتها، من الجزائر إلى فيتنام، ومن جنوب إفريقيا إلى أفغانستان، ندرك أن المقاومة لم تكن يومًا “خيارًا سياسيًا” يمكن تغييره، بل كانت قدرًا لا مفر منه. وقد دفعت تلك الشعوب ثمناً باهظاً من أرواح أبنائها من أجل كرامتها.
فكيف نقبل اليوم بلوم الفلسطيني، وهو الشعب الذي قاوم النكبة والشتات والحصار والعدوان، وهو يقدم قادته وأطفاله شهداء في سبيل قضية عادلة، لم تسقط رغم موازين القوى المختلّة؟
العار الحقيقي ليس في استمرار المقاومة، بل في عجزنا نحن، من خارج فلسطين، عن دعمها.
فبينما تُقدّم غزة أبناءها، وبيوتها، ومستشفياتها، ودماء نسائها، نجد من يوجّه سهام النقد لمن يقاتل… لا لمن يقتل.

هل مارسنا ضغطاً دوليًا فعليًا؟
هل قاطعنا الكيان المحتل اقتصاديًا وإعلاميًا؟
هل دعمنا الإعلام المقاوم؟ هل أحسّ الاحتلال بثقلنا؟
أم اكتفينا بالمشاهدة والتحليل؟

الخلط بين “فصيل سياسي” و”القضية الوطنية” خطر كبير. فالمقاومة الفلسطينية لم تبدأ مع حماس، ولن تنتهي بها. إنها امتداد تاريخي متجذر في الأرض:

من ثورة البراق إلى الانتفاضات الشعبية

من عز الدين القسام إلى أبو جهاد

من أطفال الحجارة إلى مقاتلي اليوم

تغيير الراية لا يغيّر المبدأ، ولا يبرر التنازل عن الثوابت.
نحن نعيش لحظة فارقة؛ إما أن نكون مع الحق والكرامة والحرية، أو أن نعيش أسرى لمعادلات “الواقعية” التي صاغها الجلادون.
من السهل أن نطالب المقاومة بالتراجع، ومن السهل أن نُنظّر باسم “العقلانية”، لكن الأصعب أن نعيش يوماً تحت الاحتلال، وأن نخوض حرب الكرامة وهمجية الإبادة.
فإذا عجزنا عن حمل السلاح، فلنحمل الكلمة الصادقة. وإذا عجزنا عن الفعل، فلنصمت احتراماً لدم الشهداء.
لأجل فلسطين… لا تخونوا رواية المقاومة.
ولا تفتّوا في عضد من يقف وحده في وجه آلة الإبادة.
باحث و ناشط سياسي/ الاردن
 [email protected]