استمرار تراجع الدولار لمستويات “صدمة نيكسون”.. ما أسباب انخفاضه 9%؟

خسر مؤشر الدولار الأمريكي، نحو 9% من قيمته منذ 20 يناير الماضي – تاريخ تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المنصب – وحتى 25 أبريل الجاري، (أول 100 يوم من رئاسة دونالد ترامب)، ليتجه بذلك نحو تحقيق أكبر خسارة له منذ عام 1973 خلال فترة رئاسة ريتشارد نيكسون، فيما عرف حينها بـ “صدمة نيكسون”، عندما تخلت أمريكا عن معيار الذهب وتحولت إلى سعر صرف حر.
يأتي تراجع استمرار مؤشر الدولار الأمريكي، هذا على خلفية الحرب التجارية التي يشنها ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض عبر فرض تعريفات جمركية غير مسبوقة على معظم الشركاء التجاريين، وأبرزهم الصين، وكندا، والمكسيك، والتي دفعت بخروج المستثمرين من السوق الأمريكية، والاتجاه إلى الاستثمار في الأصول الخارجية، ما أضعف “الأخضر”، على حساب عدد من العملات الأخرى، مثل اليورو فضلا عن الذهب، وفق بلومبرغ.
الدولار الأمريكي مرشح لمزيد من التراجع
توقع جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في بنك “جولدمان ساكس”، أن يواصل الدولار الأمريكي تراجعه، مشيرًا إلى أن حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية ومخاوف الركود الاقتصادي تواصل الضغط على العملة.
ونقلت وكالة “رويترز” عنه أن “العملة الخضراء”، الذي خسر أكثر من 4.5% خلال أبريل، لا يزال أمامه مساحة إضافية للانخفاض، في ظل إحجام المستثمرين عن الأصول الأمريكية، وتصاعد الحديث عن أزمة ثقة بالعملة الاحتياطية العالمية.
وسجل الدولار تراجعًا بنسبة 8% منذ بداية العام مقابل سلة من العملات الرئيسية، وسط توقعات بأن يختتم أبريل بأكبر خسائره الشهرية منذ أواخر عام 2022.
التنبؤ بمسار “العملة الخضراء”

وفي مقال نشره بصحيفة “فايننشال تايمز”، حذر هاتزيوس، من أن استمرار ضعف الدولار قد يؤدي إلى تفاقم ضغوط الأسعار، خاصة مع ارتفاع التضخم نتيجة للرسوم الجمركية الجديدة.
وعلى الرغم من أن ضعف “العملة الخضراء”، يعزز القدرة التنافسية للصادرات الأمريكية، إلا أن هاتزيوس، أشار إلى أن انخفاض الإقبال على الأصول الأمريكية قد يحد من هذه الفوائد.
قال هاتزيوس:” كثيرًا ما أتحفظ على التنبؤ بمسار “الأخضر”، لأن تجربتي والأبحاث الأكاديمية تشير إلى صعوبة توقع أسعار الصرف، لكنها تظل مهمة رغم التحديات”.
وأضاف: “برغم الانخفاض الأخير بنسبة 5% في قيمة الدولار على أساس مرجح بالتجارة، أعتقد أن مزيدًا من التراجع لا يزال مرجحًا”.
مؤشرات تاريخية حدثت من قبل مرتين
استشهد هاتزيوس، بفترتين سابقتين – منتصف الثمانينيات، وأوائل الألفية – عندما شهد الدولار انخفاضًا تراوح بين 25% و30%، وهي مستويات قد تتكرر في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن المستثمرين الأجانب يملكون نحو 22 تريليون دولار من الأصول الأمريكية، أي حوالي ثلث محافظهم الاستثمارية، ما يجعل أي تراجع في شراء هذه الأصول عاملًا إضافيًا للضغط على “الأخضر”، خاصة مع عجز الحساب الجاري الأمريكي البالغ 1.1 تريليون دولار سنويًا.
النظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي

توقع صندوق النقد الدولي، أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 1.8% في عام 2025، مقارنة بـ2.8% العام الماضي، مما يعزز توقعات ضعف الأداء مقارنة بالاقتصادات الأخرى.
مع ذلك، أكد هاتزيوس، أن تراجع “الأخضر”، لا يعني بالضرورة فقدانه لمكانته كعملة احتياطية عالمية، مشددًا على أن ميزاته كوسيلة للتبادل، ومخزن للقيمة تظل راسخة في النظام المالي الدولي.
من جانبه، توقع “دويتشه بنك” أن يصل سعر صرف اليورو إلى 1.30 دولار بنهاية العقد الحالي، ارتفاعًا من مستواه الحالي البالغ 1.13 دولار، وسط استمرار الضغوط على العملة الخضراء.