الاستدامة تبدأ من المنزل: نحو مستقبل أذكى وأكثر استدامة لدولة الإمارات

لطالما كان “المنزل” مرادفاً للسكينة والطمأنينة — مكان نلوذ إليه بعيداً عن ضغوط الخارج، وننظّم فيه تفاصيل حياتنا اليومية. لكن مع تغيّر أنماط العيش، تغيّرت الأدوار التي يؤديها المنزل أيضاً.
تحوّل المنزل إلى مكتب، وفصل دراسي، ومساحة للترفيه، ومع كل ذلك أصبح مصدراً لاستهلاك المزيد من الطاقة. وفي ظل اضطرابات سلاسل التوريد عالمياً، تشهد أسعار الطاقة ارتفاعات مفاجئة تُربك الميزانيات المنزلية، وتدفع العديد من العائلات إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن أولويات الإنفاق.
في عالم يزداد تقلباً يوماً بعد يوم، لم يعد بالإمكان الاكتفاء بتقنيات تقليدية داخل منازلنا — بل أصبح من الضروري ترقيتها لتواكب التحديات الجديدة. العيش بأسلوب حياة ذكي، وأكثر كفاءة، وبتكلفة معقولة لم يعد خياراً، بل ضرورة. وهنا تبرز كفاءة الطاقة كعامل أساسي؛ فهي لا تساعد فقط على خفض الهدر، بل تمكّن العائلات من تقليل النفقات والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة.
اليوم، بات من الممكن أتمتة هذا التحول بالكامل بفضل التقنيات الحديثة، مما يسهّل عملية التحول نحو أسلوب حياة أكثر كفاءة. تساهم هذه الحلول بدور هام في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز المسؤولية البيئية.
من هنا، يبرز سؤال مهم: كيف يمكن لإدارة الطاقة بشكل أذكى أن تحقق وفورات مالية ملموسة، وفي الوقت ذاته تساهم في حماية البيئة؟
الإجابة تكمن في تبنّي حلول ذكية تُعيد تعريف علاقة الأفراد بمنازلهم — ليس فقط كمكان للسكن، بل كمنظومة متكاملة أكثر مرونة واستدامة.
في منطقة الشرق الأوسط، بدأت ملامح هذا التحول بالظهور بوضوح. ففي دولة الإمارات، ومع تسارع جهود التحول الرقمي، لم تعد المنازل الذكية مجرد مفهوم تقني حصري بفئة محددة، بل أصبحت خياراً متاحاً يتوسع بسرعة. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى تنامي الوعي العام بأهمية كفاءة الطاقة، والرغبة المتزايدة في تقليل الاستهلاك دون التأثير على مستويات الراحة أو الجودة.
وغالباً ما يكون التحدي غير متعلق بالتكنولوجيا ذاتها، بل في طريقة تفكير الناس. لذلك، من الإيجابي أن نشهد اليوم وعياً متزايداً بأهمية إدخال تحسينات مستدامة في نمط الحياة اليومي. فعلى سبيل المثال، يُشكّل التكييف نحو 70% من استهلاك الطاقة في دولة الإمارات، ما يجعل تعديل درجة حرارة المكيف إلى مستوى مناسب خطوة بسيطة، ولكن مؤثرة. هذا التغيير البسيط في السلوك يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً، ليس فقط في تقليل الاستهلاك، بل أيضاً في دعم الجهود المبذولة على مستوى الدولة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
من الواضح أن هناك فرصة حقيقية لسدّ فجوة المعرفة وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استهلاك الطاقة في المنزل. فالخطوة الأذكى ليست فقط في التوفير، بل في ضبط درجة الحرارة المناسبة، في الوقت والمكان المناسبين — وهو ما أصبح ممكناً اليوم بفضل أنظمة الأتمتة والتحكم الذكي.
التغيير يبدأ من المنزل
يُعد استهلاك الطاقة المنزلية أحد العوامل المؤثرة في جهود تقليل الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم، إذ تسهم المنازل اليوم بنحو 20% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً. وهذا ما يجعل إدارة الطاقة في المنزل من أكثر الطرق فاعلية التي يمكن للأفراد من خلالها دعم أهداف الاستدامة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في الطريقة التي نقوم بها بتبريد وتشغيل منازلنا — والتي غالباً ما تتسم بعدم الكفاءة، ما يؤدي إلى هدر الطاقة والمال معاً.

يتمثّل نصف الحل في دمج مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة داخل المنازل — سواء من خلال شراء الكهرباء من الشبكة المعتمدة على الطاقة المتجددة، أو إنتاجها ذاتياً عبر أنظمة مثل الطاقة الشمسية. لكن رغم التقدّم الكبير في إتاحة هذه التقنيات، لا تزال التكاليف الأولية والصيانة المستمرة تشكّل عائقاً أمام العديد من العائلات، مما يؤخر اعتمادهم على هذا النوع من الحلول المستدامة.
أما النصف الآخر من الحل — والذي يُعد في كثير من الأحيان أسرع وأسهل — فيكمن في إدارة الطلب على الطاقة بشكل أكثر ذكاءً، من خلال زيادة الاعتماد على الكهرباء وتحسين كفاءة الاستخدام. تعديل بعض السلوكيات اليومية، إلى جانب الاستفادة من التقنيات الموفرة للطاقة وأنظمة الأتمتة، يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً. فعلى سبيل المثال، لا يدرك الكثيرون أن مجرد إجراء تعديلات طفيفة على درجة التبريد — وهو ما يُشكّل عادةً النسبة الأكبر من استهلاك الطاقة المنزلية — يمكن أن يؤدي إلى خفض كبير في الاستهلاك. وهنا يأتي دور منظمات الحرارة الذكية، المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، والتي تتيح ضبط درجات الحرارة بشكل ديناميكي وذكي وفقاً لأنماط التواجد داخل المنزل والظروف الجوية الخارجية.
منازل أذكى… توفير أكبر
التقنيات الرقمية غيّرت قواعد اللعبة في مجال كفاءة الطاقة المنزلية — والخبر الجيد أنها لم تعد من خيال المستقبل، بل متوفرة اليوم بالفعل. فأجهزة المنازل الذكية، مثل أنظمة إدارة الطاقة المنزلية (HEMS)، لا تكتفي برصد معدلات الاستهلاك، بل تقوم تلقائياً بتحسينه دون أي تدخل من المستخدم. تعتمد هذه الأنظمة على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الآنية لاستهلاك الطاقة، ومن ثم تُعدّل استخدام الأجهزة المنزلية بشكل ذكي، وتنقل المهام كثيفة الاستهلاك إلى أوقات انخفاض الضغط على الشبكة، كما تتكامل مع الشبكات الذكية للاستجابة لتغيّرات الأسعار في الوقت الفعلي.
أظهر تقرير حديث أن 9 من كل 10 سكان في دولة الإمارات مستعدون لدفع تكلفة إضافية — بمتوسط 2.3% — مقابل منزل يحتوي على تقنيات ذكية. ورغم أن هذه الحلول قد تتطلب استثماراً أولياً أعلى، إلا أن المنازل الذكية قادرة على تحقيق وفورات في استهلاك الطاقة تصل إلى 22%. وهو ما يجعل من هذا الاستثمار خطوة ذكية تؤتي ثمارها سريعاً، إذ تساهم التقنيات الذكية في رفع قيمة العقار في السوق، إلى جانب تحقيق وفورات مستمرة في التكاليف والانبعاثات على المدى الطويل. ويعود ذلك إلى قدرة أنظمة المنازل الذكية على ضبط التبريد تلقائياً في الغرف غير المستخدمة، أو نقل استهلاك الطاقة إلى أوقات انخفاض الضغط على الشبكة — ما يقلّل النفقات والانبعاثات دون أي تنازل عن جودة الراحة في منازلنا.

دورك في هذا التحول الذي يشهده قطاع الطاقة
ترتبط منازلنا بشكل وثيق بجميع جوانب حياتنا، لكن القرارات التي نتخذها بشأن استهلاك الطاقة داخلها تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من جدرانها. من خلال اعتماد حلول المنازل الذكية مثل أنظمة إدارة الطاقة، يمكن للعائلات في دولة الإمارات والمنطقة أن تكون جزءاً فاعلاً في التحوّل نحو مستقبل أكثر استدامة. ابدأ بخطوات بسيطة من خلال اتخاذ قرارات أكثر وعياً في استهلاك الطاقة، أو قُم بخطوة أكبر نحو الاستثمار في تقنيات مبتكرة.
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-avatar img {
width: 35px !important;
height: 35px !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-avatar img {
border-radius: 0% !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-meta a {
background-color: #655997 !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-meta a {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-meta a:hover {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_url-profile-data {
background-color: #655997 !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_url-profile-data {
border-radius: 100% !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_url-profile-data {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_url-profile-data:hover {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_email-profile-data {
background-color: #655997 !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_email-profile-data {
border-radius: 100% !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_email-profile-data {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .ppma-author-user_email-profile-data:hover {
color: #ffffff !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-recent-posts-title {
border-bottom-style: dotted !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-author-boxes-recent-posts-item {
text-align: left !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-multiple-authors-boxes-li {
border-style: solid !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-multiple-authors-boxes-li {
border-color: #999999 !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-multiple-authors-boxes-li {
color: #3c434a !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list.multiple-authors-target-the-content .pp-multiple-authors-boxes-li {
border-radius: px !important;
}
.pp-multiple-authors-boxes-wrapper.pp-multiple-authors-layout-simple_list .pp-multiple-authors-boxes-ul li {
border-left: none !important;
border-right: none !important;
}