إيران تتخذ موقفاً حذراً: طائرات مسيّرة في أجواء مشحونة

إيران تتخذ موقفاً حذراً: طائرات مسيّرة في أجواء مشحونة

أمد/ في تطوّر دراماتيكي يعكس هشاشة الوضع الإقليمي، وجّهت إسرائيل ضربة عسكرية حساسة واسعة النطاق في عمق الأراضي الإيرانية، استهدفت فيها مواقع استراتيجية وأودت بحياة شخصيات رفيعة المستوى من الحرس الثوري، وهيئة الاركان من بينهم محمد باقري وحسين سلامي،وعلماء.
هذا التحرك الإسرائيلي لم يكن مجرد استعراض للقوة، بل كان رسالة صاخبة في لحظة بالغة التعقيد. 
وردّاً على ذلك، أطلقت طهران أكثر من مائة طائرة مسيّرة باتجاه أهداف داخل إسرائيل، في خطوة لا تخلو من الحسابات الدقيقة: ردّ حازم، دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
لكن إيران، بحسب الوقائع، لم تُلقِ بكل أوراقها بعد. فخياراتها لا تزال مفتوحة على سيناريوهات متعددة، قد تتراوح ما بين تصعيد عسكري محدود عبر ضربات دقيقة، أو تنفيذ عمليات في الخارج تستهدف مصالح إسرائيلية بوسائل غير تقليدية. 
وبموازاة ذلك، قد تلوّح طهران مجدداً بسلاحها الاقتصادي عبر تهديد الملاحة في مضيق هرمز، الشريان الحيوي للطاقة العالمية. والأكثر خطورة، سيناريو هو اسستمرارية تحريك الملف النووي كورقة تفاوضية تضع القوى الكبرى أمام واقع جديد ومربك.
كل هذه المؤشرات تكشف عن استراتيجية إيرانية تسير على حبل مشدود: استعراض للقوة يحفظ ماء الوجه داخلياً وإقليمياً، دون الانجرار إلى مواجهة شاملة قد تستنزفها في توقيت غير مؤات. إنها معادلة الردع دون الانفجار.
ومن المفارقات أن هذا التصعيد قد يحمل، بشكل غير مباشر، بعض الارتدادات على الجبهة الجنوبية. إذ إن إسرائيل، تحت ضغط الانشغال بالتهديد الإيراني، قد تضطر لتخفيف عملياتها في غزة، أو على الأقل إعادة توزيع تركيزها الاستراتيجي، ولو مؤقتاً. قد يبدو ذلك كاستراحة تنفس غير مقصودة للفلسطينيين، ولكنها كما هو الحال دائماً محاطة بالغموض وبهواجس ثقيلة..

الواقع أن الشرق الأوسط اليوم لا يعيش أزمة واحدة محددة ، بل طبقات  متراكمة ومتراكبة من القلق. وكل رد فعل، مهما بدا محدوداً، قد يكون الشرارة لحدث أكبر، وهذا ما يجعل الهدوء في المنطقة أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.