لحظة تخطي الحدود… وبداية لمواجهة أعمق؟

لحظة تخطي الحدود… وبداية لمواجهة أعمق؟

أمد/ في تطور نوعي يُعد الأخطر منذ عقدين، أعلنت إسرائيل رسميًا مسؤوليتها عن الهجوم الجوي الذي استهدف منشآت عسكرية ونووية إيرانية فجر اليوم، ووجهت تحذيرًا صريحًا لطهران من مغبة الرد، متوعدة بمواصلة الهجوم إن تصاعدت الأمور.
بهذا التصريح، تكون إسرائيل قد كسرت جدار الصراع الرمزي، وافتتحت طورًا جديدًا من الاشتباك المفتوح مع طهران، بما يتجاوز حدود الرسائل المتبادلة بالنار، إلى محاولة فرض واقع جديد بالقوة.
من الضربات بالوكالة إلى المواجهة المباشرة، منذ العام 2006، استقر نمط الصراع الإيراني–الإسرائيلي على قاعدة “الاشتباك بالواسطة” داخل ساحات مختلفة، سوريا، لبنان، اليمن، غزة. ورغم ضربات جوية إسرائيلية متكررة، في تلك الساحات ظل العمق الإيراني خارج الاستهداف المباشر.
اليوم، تم كسر هذه القاعدة، فالهجوم استهدف مواقع سيادية حيوية داخل إيران، من بينها مراكز تخصيب ونقاط قيادة تابعة للحرس الثوري وقيادات عسكرية وعلماء.
هذا التحوّل لا ينفصل عن مشهد أوسع من التحولات الاستراتيجية: المفاوضات النووية قد وصلت إلى طريق مسدود، البرنامج الإيراني بلغ مستويات تخصيب مقلقة، الدعم الإيراني لفصائل المقاومة في تصاعد، وغزة تحوّلت إلى استنزاف دائم للمؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل.
الغايات الإسرائيلية: ردع أم إعادة رسم خريطة الاشتباك؟ الرسائل الإسرائيلية متعددة:
أولًا، ردع إيران عن مواصلة تخصيب اليورانيوم بوتيرة متسارعة.
ثانيًا، نقل ساحة المواجهة من غزة إلى طهران، بهدف إخراج المواجهة من مأزق الرهائن والضغوط الدولية.
ثالثًا، إعادة ترميم صورة الردع الإسرائيلي داخليًا وخارجيًا، التي تآكلت منذ 7 أكتوبر 2023 وما تلاه.
لكن هذه الأهداف، رغم وضوحها، قد تُقابل بثمن سياسي وعسكري باهظ، إذا اختارت إيران الرد.
إيران هل تستمر بين الضغط للرد وحسابات ضبط النفس، طهران دانت الهجوم ووعدت بالرد، لكن خيار الرد المباشر محفوف بمخاطر الحرب الشاملة. لذلك، يُرجّح أن تبحث القيادة الإيرانية عن “رد محسوب” عبر أدواتها الإقليمية، بما يحقق التوازن بين حفظ هيبة الردع، وتفادي مواجهة مفتوحة في ظل أزمة داخلية وعقوبات متزايدة.
ما انعكاسات الهجوم على غزة والمنطقة بشكل عام، رغم أن غزة لم تكن محور الضربة، إلا أن التطور يعيد خلط الأوراق:
أولًا، إسرائيل قد تستغل التصعيد لتبرير التصلب في ملف التفاوض بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
ثانيًا، إيران قد تُعيد ترتيب أولويات دعمها لفصائل المقاومة، ما قد ينعكس على مسار الحرب.
ثالثًا، المنطقة بأكملها تدخل طورًا من التوتر المفتوح، حيث تترابط الجبهات وتتشابك الردود.
الهجوم الإسرائيلي اليوم ليس فصلًا طارئًا، بل نقطة تحول فارقة في قواعد الاشتباك الإقليمي.
إنه إعلان بنهاية الحذر، وبداية لمعادلة جديدة، أكثر جرأة وأقرب إلى الانفجار. والسؤال الآن: هل تكتفي إيران بالاحتواء الذكي… أم تقرر كسر الصمت بردٍ يُشعل الحلبة؟
ولذا كافة الأطراف الإقليمية والدولية تراقب الوضع عن كثب لما له من انعكاسات على مصالحها وأجنداتها وعلى الإستقرار في المنطقة وما يترتب عليه من آثار كارثية سياسيا وأمنيا واقتصاديا، ولذا كافة الأطراف دعت في بيانات متعددة إلى ضبط النفس ونأت بنفسها عن تأييد هذا الهجوم، بل بعضها أدانت الهجوم واعتبرته انتهاك للسيادة الإيرانية.
ولكن العديد من الدول الغربية دعت إلى ضبط النفس مع التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها كالمعتاد.
لذا لابد من الحذر من تداعيات هذا الهجوم على الوضع في قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة، وكذلك على عموم المنطقة العربية والشرق الأوسط وخاصة في منطقة الخليج.
الأيام المقبلة باتت حبلى بالكثير من التطورات والتغيرات والمفاجآت.