في مناسبة العيد…!

في مناسبة العيد…!

أمد/ أطفالٌ في غزة لا يعرفون طعم العيد، بل طعم الغياب.
رجالٌ تُطلق عليهم النار وهم يركضون خلف كيس طحين.
نساءٌ ينتظرن عودة أزواج لا يعودون.
عيدٌ يُولد في غزة كل عام، لكنه يولد ميتًا…
ملفوفًا بكفنٍ من الجوع والحصار.
في غزة، لا يُذبح الكبشُ قرب العتبات، بل يُذبح الإنسان على حواجز الموت،
والهدية الوحيدة التي تنتظرها الطفولة هناك: أن يعود الأب… حيًّا… ببعض الخبز.
هذا النصّ ليس شكوى… بل مرآة.
تعكس وجوهنا جميعًا في زمنٍ تُباد فيه الكرامة على يد الجوع،
وتُدهس فيه الإنسانية تحت أقدام الطوابير،
وتُوزّع فيه الحياة…
بكيسٍ من المكرونة والعدس!
إلى النص:
فِي العِيدِ…!

فِي العِيدِ…
سِرْتُ علَى ظِلِّي،
أَجُرُّ جُوعِيَ
فِي كِيسٍ بِلَا ظِلٍّ،
أَبْحَثُ عَنْ كِسْرَةٍ
نَجَتْ مِنْ رَصَاصَةِ قَنَّاصٍ،
أَوْ دَعْسَةِ جَائِعٍ آخَرْ.
***
فِي العِيدِ…
نَامَتِ المَآذِنُ عَلَى صَوْتِ البُكَاءِ،
وَاسْتَيْقَظَ البَحْرُ مَذْعُورًا
مِنْ هَدِيرِ الطَّائِرَاتِ،
وَمِنْ نَوَاحِ الخُبْزِ المَدْفُونِ
تَحْتَ أَقْدَامِنَا،
وَتَحْتَ نِعَالِ الطَّوَابِيرْ…
***
فِي العِيدِ…
لَمْ أَعُدْ إِنسَانًا،
كُنْتُ شَبَحًا
يَرْكُضُ خَلْفَ صُنْدُوقِ مَعُونَةٍ،
يَرْفَعُ كِيسَ المِلْحِ
كَـرَايَةِ اسْتِسْلَامٍ،
وَيَجْتَازُ الحَوَاجِزَ
كَمَا تَجْتَازُ النَّمْلَةُ
فَمَ التِّنِّينِ،
بِحَثًا عَنْ قَمْحِهَا الضَّائِعْ.
***
فِي العِيدِ…
مَرَرْتُ عَلَى جُثَثٍ
لَهَا وَجْهِي،
وَصَرَخَاتٍ تُشْبِهُ صَوْتَ أَوْلَادِي،
مَرَرْتُ وَلَمْ أَلْمَسْهُمْ،
لِأَنَّ مَنْ يَتَوَقَّفْ…
يَمُتْ ..
***
فِي العِيدِ…
بَكَيْتُ حِينَ رَأَيْتُ العَدَسَ،
وَالفَاصُولْيَا،
وَالدَّقِيقَ…
لَا لِأَنَّنِي جَائِعٌ،
بَلْ لِأَنَّ مَنْ مَاتُوا قَبْلِي
لَمْ يَذُوقُوهَا،
وَلِأَنَّ كُلَّ مَا حَمَلْتُهُ
لَا يُسَاوِي حَتَّى
دَمْعَةَ طِفْلٍ مَاتَ جُوعًا
وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَبَاهُ.
***
فِي العِيدِ…
عَرَفْتُ أَنَّ الفَقْدَ لَيْسَ مَوْتًا،
بَلْ أَنْ تَرَى مَا تَبَقَّى مِنْكَ
فِي كِيسِ مَعُونَةٍ،
وَفِي عَيْنِ امْرَأَةٍ
تَسْأَلُ:
هَلْ عَادَ زَوْجِي…؟!