أبو مدلله: تحليل استراتيجي للتداعيات المحتملة لقرار سموتريتش واستعداد لمواجهته بخطط بديلة وشاملة.

أبو مدلله: تحليل استراتيجي للتداعيات المحتملة لقرار سموتريتش واستعداد لمواجهته بخطط بديلة وشاملة.

أمد/ رام الله: في ظل التصعيد السياسي والاقتصادي المتواصل بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، لوّح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بتعليمات تقضي برفع “مظلة الحماية” عن بنكي “هبوعليم” و”ديسكونت” الإسرائيليين، واللذين يشكلان قناة الاتصال المصرفي الرئيسة بين البنوك الفلسطينية والنظام المالي العالمي عبر إسرائيل.

ورغم أن تنفيذ القرار يبقى غير مرجح في الأمد القريب بسبب تعقيداته السياسية والقانونية، إلا أن التهديد ذاته يُعد تطورًا خطيرًا في سياق الضغط المالي على الفلسطينيين، ويستدعي قراءة استراتيجية لتبعاته المحتملة واستعدادًا لمواجهته بخطط بديلة وشاملة.
أولاً: التبعات المحتملة
1. على المستوى الفلسطيني
أ) على البنوك الفلسطينية:

* تعطيل جزئي مؤقت لعمليات التحويل المالي التي تمر عبر البنوك الإسرائيلية، خاصة تلك المتعلقة بأموال المقاصة، والحوالات التجارية، ورواتب موظفي القطاع العام.
* ضغوط سيولة مالية قد تطال بعض البنوك، مما يؤدي إلى تأخر تنفيذ بعض المعاملات العابرة للحدود وتباطؤ في الأنشطة المصرفية الدولية.
* فرصة لإعادة هيكلة العلاقات المالية مع العالم الخارجي من خلال:
* البحث عن بنوك مراسلة بديلة في دول صديقة.
* تطوير حلول مالية رقمية بالتعاون مع شركات تكنولوجيا مالية إقليمية.
* تعزيز الشفافية والمطابقة مع المعايير الدولية لاكتساب ثقة الشركاء الخارجيين.
ب) على السلطة الفلسطينية:-
*  تأخير أو توقف مؤقت في استلام أموال المقاصة التي تشكل نحو 60% من الإيرادات العامة، مما يفاقم الأزمة المالية.
* أزمة في دفع الرواتب والخدمات الاجتماعية الأساسية (الصحة، التعليم، المساعدات الاجتماعية)، مما يعمّق حالة السخط الشعبي.
* إمكانية استثمار الأزمة كفرصة استراتيجية لإعادة تقييم شكل العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، والتقدم بخطوات نحو فك الارتباط المالي التدريجي.
ج) على الاقتصاد والمجتمع:
* ارتفاع مؤقت في أسعار السلع والخدمات بسبب تعقيدات في سلاسل التوريد والتحويلات البنكية، مع احتمال نقص في بعض المنتجات الأساسية.
* زيادة في معدلات البطالة والفقر، خاصة إذا طال أمد الانقطاع المالي أو غابت البدائل.
* استبعاد انهيار اقتصادي شامل، في ظل وجود قنوات دولية داعمة وإمكانية تفعيل شبكات التضامن الإقليمي والدولي لتخفيف الأثر.
2. على المستوى الإسرائيلي
أ) على البنوك الإسرائيلية:
*  مخاطر قانونية وتنظيمية دولية إذا فُسّرت الخطوة على أنها محاولة خنق اقتصادي للفلسطينيين، بما يخالف المعاهدات والالتزامات الدولية.
* احتمال تدهور الثقة الدولية في استقرار النظام المصرفي الإسرائيلي، مما قد يؤدي إلى مراجعة التصنيفات الائتمانية أو إعادة تقييم العلاقات مع البنوك العالمية الكبرى.
ب) على الحكومة الإسرائيلية:
* ارتباك سياسي داخلي، حيث يتطلب القرار موافقة المجلس الوزاري الأمني المصغر، وتنسيقًا دقيقًا مع بنك إسرائيل لتفادي التداعيات.
*  ضغوط دولية محتملة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يعتبران استقرار السلطة الفلسطينية مصلحة استراتيجية أمنية وسياسية.
ج) على الأمن الإسرائيلي:
* احتمالات تفجر اضطرابات في الضفة الغربية نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، ما قد يؤدي إلى موجات احتجاج شعبي أو تصعيد ميداني.
* تنامي التهديدات الأمنية بفعل ضعف قبضة السلطة على الشارع، وازدياد نفوذ الفصائل المعارضة في ظل الأزمات الاقتصادية.

ثانياً: التوصيات الفلسطينية
1. الاستعداد المالي والتقني لسيناريو الانقطاع الكامل
    •    تطوير شبكات تحويل مالي بديلة من خلال التعاون مع بنوك عربية وإسلامية وصناديق إقليمية.
    •    اعتماد تقنيات التحويل الرقمي والعملات المشفرة (وفق ضوابط قانونية ومالية)، لتقليل الاعتماد على النظام المصرفي الإسرائيلي.
    •    تحصين الجهاز المصرفي عبر رفع الاحتياطيات، وتنويع مصادر التمويل، وتوسيع التغطية الإقليمية للبنوك الفلسطينية.
2.علي السلطه الفلسطينيه وسلطه النقد الفلسطينيه اعداد ملف كامل حول الانتهاكات الاسرائيلية ومنها القرصنه علي أموال المقاصه والتوجهه الي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمحاكم المختصه في الاممم المتحده لفضح الاحتلال وجرائمه بحق الاقتصاد الفلسطيني 
    •    الشروع في إعادة هيكلة تدريجية للعلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، بما يشمل:
    •    تقليص التبعية في مجالات الاستيراد، الطاقة، والعمل.
    •    تعزيز الإنتاج المحلي ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
    •    بناء شراكات استراتيجية مع الدول العربية والإسلامية والناشئة.
3. التحرك السياسي والدبلوماسي المكثف
    •    تنسيق الجهود مع الشركاء الدوليين لإبراز خطورة القرار على الأمن والاستقرار في المنطقة.
    •    الضغط السياسي عبر القنوات الأممية والإقليمية ضد أية خطوات إسرائيلية تهدد الاقتصاد الفلسطيني.
    •    طلب دعم فني ومالي عاجل من المؤسسات الدولية لتعزيز مرونة الاقتصاد الفلسطيني في مواجهة الأزمات.

خلاصة
إن تهديد وزير المالية الإسرائيلي برفع مظلة الحماية عن البنوك المراسلة التي تربط الاقتصاد الفلسطيني بالعالم لا يمكن التعامل معه كخطوة عابرة. وعلى الرغم من أن فرص تنفيذ القرار في الوقت القريب تبقى محدودة بسبب تعقيداته ومخاطره المتعددة، إلا أن التهديد بحد ذاته يستوجب من القيادة الفلسطينية التعامل بجدية واستباق، بعيدًا عن ردود الفعل العاطفية، وبما يعزز الاستقلال المالي والاستراتيجي على المدى الطويل.
إن الاستثمار في بناء اقتصاد مقاوم، وتطوير البدائل المصرفية، والانخراط في تحالفات إقليمية ذكية، لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية تمليها المرحلة.