ألعاب القوى العالمية تُعاد في كواليس جديدة… من سيعيد صياغة التاريخ، ومن سيلغى من الخرائط؟

أمد/ في زمنٍ تُصاغ فيه الجغرافيا بالنار، وتُدفن فيه القيم الإنسانية تحت ركام غزة، تتحرك إسرائيل كقوة إحراق لا رادع لها، مستفيدة من ضوء أميركي أخضر ومناخ تطبيعي رمادي. منشآت نووية تُفجَّر في نطنز، وقيادات تُغتال في طهران ودمشق وبغداد وبيروت ، والفلسطيني يُذبح على مرأى من عواصم عربية تعقد الصفقات فوق أشلاءه. فهل نحن أمام سيناريو ‘الردع بالإبادة’؟ أم أن الشرق الأوسط يُدفع عمدًا إلى حرب استنزاف شاملة؟
من غزة إلى نطنز: سياسة التفجير التدريجي
في نطنز، تلعب إسرائيل دور القاتل الخفي؛ ضربات سيبرانية، انفجارات غامضة، واغتيالات متقنة. الهدف ليس فقط تعطيل البرنامج النووي الإيراني، بل إظهار القدرة الإسرائيلية على الوصول والضرب دون ردع. الرد الإيراني المباشر بالصواريخ في نيسان 2024 أعاد رسم المشهد لم تعد إسرائيل وحدها في سماء المعركة.
الخليج في عين العاصفة : تحالف هش فوق جمر مشتعل
تعيش دول الخليج على خط التوازن الحاد بين الخوف من إيران والارتماء في الحضن الإسرائيلي. فبينما تزداد التحالفات الأمنية، يزداد معها خطر التحول إلى ساحة حرب بالوكالة، أو هدف مباشر لأي رد إيراني محتمل. فالحفاظ على العروش والرضى الدولي يقابله خطر أمني واستراتيجي بعيد قد يكلّف الأنظمة أكثر مما تحتمل.
غزة: دم على الشاشة وصمت في العواصم
تُباد غزة ببطء وبتوثيق حيّ، بينما تتقاسم العواصم العربية والدولية الصمت والإنكار. ولكن تحت هذا الركام يولد وعي جديد، وجيل فلسطيني يرفض الهزيمة، ويؤمن بأن المقاومة هي السبيل الوحيد للبقاء والكرامة.
الاغتيالات وفرضية الانهيار الإيراني
الاغتيالات المتكررة لقادة النخبة العسكرية الإيرانية تهدف إلى شلّ الأعصاب المركزية للنظام، لكنها حتى الآن تعزز خطابه لا تفككه. النظام الإيراني مبني على مؤسسات عقائدية وبنية أمنية صلبة، تجعل من المستحيل انهياره بالضربة القاضية. لكنه معرض للاستنزاف والتآكل على المدى البعيد إذا اجتمعت الضغوط الاقتصادية والعسكرية والسياسية.
الرد الإيراني: صواريخ على تل أبيب وحيفا… والدمار في قلب المدن
في سابقة لم يشهدها الكيان منذ نشأته، أطلقت إيران عشرات الصواريخ الدقيقة التي ضربت وسط تل أبيب وحيفا، متسببة بدمار غير مسبوق، بحسب ما أوردته الصحف الإسرائيلية كـ’هآرتس’ و’يديعوت أحرونوت’. الضربة كسرت حاجز ‘القداسة الأمنية’ للمدن الكبرى، وأصابت المنشآت الحيوية، ما شكّل صدمة للرأي العام الإسرائيلي. أما في الداخل العربي، فتفاوتت الردود بين من حاول التزام الصمت، ومن عبّر شعبيًا عن تأييد واضح للرد الإيراني باعتباره كسرًا لاحتكار إسرائيل للقوة. في قطاع غزة، رُفعت رايات محور المقاومة، وشهدت الشوارع احتفالات عفوية. أما الإيرانيون، فرأوا في الرد نصرًا وطنيًا، بينما صُدم المجتمع الإسرائيلي من هشاشة منظوماته الدفاعية، وتزايدت الضغوط على الحكومة داخليًا.
سيناريوهات المستقبل: الانفجار الكبير أم كسر الحلقة؟
1 . حرب استنزاف إقليمية متعددة الجبهات.
.2 تفجير غزة بشكل دائم لصرف الأنظار عن الإخفاقات الإسرائيلية.
.3 تصاعد الردع المتبادل بين إيران وإسرائيل.
.4 تنامي الوعي الشعبي العربي المعارض للهيمنة الغربية والتطبيع.
خاتمة : من يكتب التاريخ؟ ومن يُمحى من الخرائط؟
المنطقة تقف أمام خيارين: الانفجار أو التحرر. إسرائيل تلعب بالنار لتثبيت هيمنتها، وإيران تصر على كسر قواعد اللعبة. وفي الوسط، الشعوب تحترق، وغزة تصرخ، والعالم يتفرج. لكن ما لم تحققه الأنظمة قد تحققه الشعوب إذا اتحدت على موقف واحد يعيد الاعتبار للقضية المركزية، ويوقف زحف الخرائط المصنوعة بالدم.