الصراع الإسرائيلي الإيراني: الديناميات والتأجيلات… الأهداف والاستراتيجيات

أمد/ في مقياس الحروب تعتبر الحرب الإسرائيلية على إيران، أو عملية “الأسد الصاعد” كما أطلقت عليها تل أبيب، تعتبر هذه الحرب “حرب تأخير” وليست حرب تحرير أو حرب تحريك، كما جرت العادة في حروب المنطقة.
تحت شعار من لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة” كما أكد أرئيل شارون ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق. جاء الهجوم العسكري الإسرائيلي على المنشآن النووية الإيرانية، فكل ما تهدف إليه تل أبيب من هذه العملية العسكرية هو تقويض القدرات النووية الإيرانية وتأخير طهران من القدرة على انتاج وامتلاك سلاح نووي، ودفع طهران لتقديم تنازلات مؤلمة عبر القوة في المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية، تدرك تل أبيب جيدًا صعوبة القضاء تمامًا على المشروع النووي الإيراني، بدون معاونة الغرب وخاصة واشنطن لكنها فضلت الخيار العسكرية وذهبت إلى هذه العملية ومنفردة لاستفادة من الوضع الدولي والإقليمي الناشئ بعد السابع من أكتوبر.
في ومواجهة هذه العجرفة الإسرائيلية أعلنت طهران عن عملية الوعد الصادق 3، حيث رفعت إيران مستوى التحدي عبر استخدام صواريخ باليستية بقدرة تدميرية أكبر من اليوم الأول في محاولة لتكبد الاحتلال مزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات، فقد كشف قائد الحرس الثوري الإيراني أحمد وحيدي تفاصيل أهداف الضربات الصاروخية على إسرائيل، في إطار عملية “الوعد الصادق 3″، مؤكدا أن الضربات استهدفت 150 موقعا تم تحديدها مسبقا بدقة. فالمشاهد في المدن الكبرى وخاصة (تل أبيب، وريشون لتسيون، وغير من المدن الكبرى الإسرائيلية لتوحي بتصاعد الضربات الصاروخية الإيرانية في محاولة لترميم ميزان الردع بين البلدين.
القصف الجوي الإيراني تركز على المدن الكبرى لإحداث دمار نوعي يساعد على إعادة ترميم توزان في الردع أو توازن في القوة، فقد قصفت منشآت عسكرية وبحثية إسرائيلية ودمرت العديد من البنى التحتية الإسرائيلية، في محاولة لرفع كلفة العدان الإسرائيلي. في المقابل تسعى إسرائيل لانتهاء من بنك الأهداف الخاص بالمنشآت النووية والعسكرية والبنية التحتية البحثية الإيرانية سريعًا قبل دخول المعركة مرحلة التسويات، فمن المتوقع ألا يتجاوز زمن هذه الحرب أكثر من أسبوعين أو ثلاث على أكثر تقدير.
وفق التصريحات الأمريكية والغربية ليس هناك نية لاستمرار هذه المعركة لفترات طويلة، فإدارة ترامب تنظر لهذه المعركة المحتدمة على أنها نوع آخر من التفاوض مع النظام الإيراني، بينما أوروبا تريد من خلالها التخلص من هذا الصداع المستمر (البرنامج النووي الإيراني) في حين أن إسرائيل تدرك صعوبة التخلص من البرامج النووي الإيراني عبر القصف الإسرائيلي المنفرد، أي بدون معاونة الغرب وخاصة واشنطن، لذلك تعمل على تقويض القدرات النووية الإيرانية وتأخير طهران من امتلاك سلاح نووي!
في حين تؤكد التصريحات الإيرانية لكبار المسؤولين أن طهران حتى الآن لم تغلق باب المسار الدبلوماسي أو طاولة المفاوضات نهائيًا، صحيح أنها ألغت الجولة القادمة مع إدارة ترامب، لكنها لم تعلن تخليها عن هذا المسار بشكل كامل، فهي مازالت تهدف للخروج بأقل الأضرار، والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه، كون أن العقل السياسي الفارسي يتسم بالواقعية والبرغماتية والابتعاد عن العاطفة والتمسك بالانتحار السياسي، كما تفعل حركات الإسلام السياسي العربية! ا فطهران تدرك جيدًا صعوبة مواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي، بعد ما أصبحت سماء البلاد مستباحة من الطيران الإسرائيلي، لذلك لم تغلق تمامًا مسار المفاوضات في محاولة لتأمين الخروج الآمن.
خلاصة القول: نحن أمام حرب تأخير خاطفة لن تستمر طويلا، وليست حرب تحريك أو تحرير، هدفها الوحيد تأخير طهران من امتلاك قدرات نووية، عبر استراتيجية القوة الضاربة، مستغلة بعد المسافة، حيث لا تلعب الجغرافيا في هذه المعركة لصالح تطهران التي تحاول تستخدم ما لديها من قدرات صاروخية لترميم توزان الردع الذي انهار منذ الضربة الأولى!