غزّة… أيُّ ليلٍ هذا الذي لا يترككِ أبداً؟!

غزّة… أيُّ ليلٍ هذا الذي لا يترككِ أبداً؟!

أمد/ غزّةُ…
أيّا وجهَ الدمِّ المسفوكِ على أبوابِ الإنسانيّة،
كم كتبنا عنكِ؟
كم بكيناكِ ولم نُسعفكِ؟
كم رسمناكِ على الورقِ وردةً تقاومُ المِحرقة،
فعُدنا نغمسُ مِدادَنا في رمادِ أجسادِ أطفالكِ؟!

لم أعُدْ أعرفُ ماذا أكتبُ عنكِ…
أأُعيدُ نواحَ القلبِ الذي أنهكَهُ النزيف؟
أم أنشرُ مرّةً أُخرى صورَ صمتِ الضميرِ العربيّ والدوليّ،
وهو يتأمّلُ بعينٍ زجاجيّةٍ جوعَكِ، وخوفَكِ، وعُريكِ، وموتَكِ البطيء؟!

غزّةُ…
هُم لا يرونَ فيكِ إلّا لافتةَ “صمود”،
يُصفّقون لكِ ثمّ يلتفتون…
يُعجبون بتحدّيكِ ثمّ ينامون،
بينما يتشقّقُ جلدُكِ تحت الحصار،
ويأكلكِ القصفُ،
وتأكلكِ المجاعة،
وتأكلكِ الأسئلةُ التي لا جوابَ لها:
لماذا نحن؟!
ولماذا كلُّ هذا الصمت؟!

يا أهلَنا هناك…
إنّ الكلماتِ خائنةٌ هذه الأيّام،
تذبلُ في أفواهِنا قبل أن تصيرَ دعاءً،
تتلعثمُ حينَ نُحاولُ أن نُقنعَ بها مَن ماتَتْ ضمائرُهم…
فما عادَ لهم قلبٌ ليسمع،
ولا عينٌ لتبكي،
ولا جسدٌ ليرتجفَ من هولِ ما ترونه في كلّ ساعةٍ تمرُّ عليكم كعُمرٍ آخر.

غزّةُ…
لكِ الله.
وما لنا سواه…
لكِ الله حين يُغلقُ كلُّ باب،
وحين تتواطأُ الخُطى،
وحين تفيضُ الأرضُ جراحًا
وتُنكرُ السماءُ زوابعَها ومطرَها.

لكِ الله يا وجعَنا،
ويا جوعَنا،
ويا جُرحَنا المفتوحِ منذ قرنٍ من الزّيف.
لكِ الله…
حتّى يعودَ الإنسانُ إنسانًا،
أو تنفجرَ القيامةُ على غفلةٍ من صمتِ هذا العالم ..