خبراء أمنيون: توافق القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل على الصراع مع إيران ليس حقيقياً

خبراء أمنيون: توافق القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل على الصراع مع إيران ليس حقيقياً

أمد/ تل أبيب: استبعد خبراء أمنيون إسرائيليون يوم، الإثنين، أن تحقق إسرائيل أهدافها من الحرب على إيران، وأشاروا إلى وجود “عيوب” في إدارة إسرائيل لحروبها، وإلى أن الضربات الأولية في الحروب لا تعكس بالضرورة نتائجها النهائية.

وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، في بداية الحرب على إيران، يوم الجمعة الماضي، أنه “وصلنا إلى نقطة اللا عودة. ويحظر أن ننتظر فترة أخرى، ولا خيار أمامنا”. لكن الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية، بروفيسور أوري بار يوسف، أشار إلى أنه “واضح أنه يحظر على رئيس هيئة الأركان العامة أن يتحفظ علنا من قرار رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) بشن حرب في هذا الوقت بالذات، التي فيه تقترب مصائبه الداخلية من نقطة غليان”، وفق مقاله المنشور في صحيفة “هآرتس”.

ورجح بار يوسف أن زامير ورؤساء أجهزة الاستخبارات مطلعون جيدا على التقديرات الأميركية، بأن “السيف ليس موضوعا على رقبة إسرائيل” وأن “القيادة الإيرانية لم تقرر، على ما يبدو، تطوير أسلحة نووية”، وأنه “من الجائز أن مبادرة إسرائيل إلى الحرب ستقرب إيران إلى القنبلة”.

ورأى أن لإخفاقات 7 أكتوبر كان دور في توقيت شن الحرب على إيران، “ويرجح أنه عندما تبدأ الأمور تتعرقل، وهي تتعرقل دائما، سيتضح أن الإجماع في إسرائيل على شن الحرب لم يكن إجماعا كاملا، مثلما يتم تصويره الآن”.

وأضاف بار يوسف أن إسرائيل ستدفع ثمنا جراء مبادرتها إلى الحرب. “المشاهد من مناطق الدمار بعد استهدافها بالصواريخ قاسية، لكن يجدر أن نتذكر أن التقديرات المسبقة لحرب 7 أكتوبر كانت تقول إن حزب الله سيطلق 50 ألف صاروخ طوال أسابيع كثيرة وسينتج عن ذلك دمار في حوالي 150 موقعا يوميا. والقدرات البالستية الإيرانية أقل من ذلك بكثير، وبهذا المفهوم فإن التهديدات البالستية الإيرانية أصغر نسبيا قياسا بالتوقعات السوداء التي سبقت تدمير قسم كبير من ترسانة حزب الله الصاروخية”.

وتابع أنه تبقى بحوزة حزب الله 20% من ترسانته الصاروخية. “ورغم أن حريته بالعمل محدودة جدا، لكن قدراته بوجود عدة آلاف من الصواريخ الثقيلة على الأقل، ما زالت موجودة. وكلما استمرت الحرب، وكلما تقلص مخزون الصواريخ الإيرانية، سيزداد الضغط على حزب الله كي ينضم إلى الحرب. وإذا نفذ ذلك، خاصة في وضع تصل فيه قدرة إسرائيل الدفاعية إلى أقصى حدودها، فإن الضرر سيكون بالغا”.

وفيما يتعلق بالفجوة بين بداية الحرب وآلية إنهائها، أشار بار يوسف إلى أن “الحرب بدأت الآن بشكل مثير للإعجاب، نتيجة لمجهود إسرائيلي استمر سنوات كثيرة، وأدى إلى إنجازات كثيرة في ساعاتها الأولى. وهذا ليس مفاجئا. هذا تراث. فقد تم التعبير عن الخدع التخطيطية والعملياتية بشكل مثير للإعجاب في الماضي بإنزال كتيبة المظليين في عمق سيناء لدى بدء حرب سيناء (العدوان الثلاثي على مصر) في العام 1956؛ وفي عملية ’موكيد’ للقضاء على سلاح الجو المصري في العام 1967؛ وفي تدمير مخزون الصواريخ الثقيلة في حرب لبنان الثانية في العام 2006، وفي عملية البيجرات وتصفية قيادة حزب الله في العام 2024”.

وأضاف أنه “بما أن إسرائيل فتحت الحرب بشكل جيد، فإنه في معظم حروب الماضي أهدر المستوى السياسي فرصة إنهائها ’في قمة الانتصار’، أي في المرحلة التي كانت فيها الحرب دائرة بشكل جيد، وبعدها يبدأ المجهود العسكري بدفع ثمن كبير ومتزايد. فالطريقة التي تدار بموجبها الحرب في غزة اليوم، بعد أكثر من عشرين شهرا على بدايتها، هي تعبير جيد عن ذلك”.

وشدد بار يوسف على أنه “من الواضح أن المس بكرامة قيادة الحكم في طهران، وتخوف الإيرانيين من أن أي تنازل من جانبهم سيعبر عن ضعف، سيضع مصاعب أمام إسرائيل لإنهاء الحرب بالشروط التي تريدها. ولذلك يجدر، منذ الآن، البدء بدراسة آلية النهاية. لأنه إذا لم نفعل ذلك، فإن إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ومن لف لفيفهم سيقودوننا إلى تلبية رغبتهم بـ’حرب أبدية’”.

وحسب المحلل الأمني في الصحيفة نفسها، يوسي ميلمان، فإنه “بعد سقوط الصواريخ الإيرانية الأولى في رمات غان ووسط تل أبيب، ليلة السبت، وعلى ما يبدو بهدف ضرب الكِرياه (مقر وزارة الأمن وقيادة الجيش في تل أبيب) تحولت النشوة المؤقتة التي استمرت نصف يوم إلى هلع وخوف. والإدراك أنه لا توجد حروب سهلة يتغلغل لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي يتحمس من إنجازات الضربات الأولى لعمليات عسكرية في قطاع غزة ولبنان، والآن في إيران، كي يتيقن من أن نجاحات إستراتيجية تقاس في النهاية”.

وأضاف “لأن الحروب لا تُحسم بتعداد خسائر العدو بالأنفس والممتلكات، وشاهدنا ذلك في فيتنام وأوكرانيا وكذلك في غزة ولبنان، فإنه لا ينبغي أن ينعكس ذلك على الحرب في إيران أيضا. فقد أثبت نظام الجمهورية الإسلامية صموده وإصراره على تلقي الضربات وعدم الاستسلام. ويبدو أن إسرائيل تبدأ بتغيير التكتيك العملياتي، تحسبا من حرب تطول وتتحول إلى حرب استنزاف لسنوات طويلة، وثمة شك بوجود احتمال لانتصار إسرائيل فيها”.

وتابع ميلمان أنه “لذلك، بدأت إسرائيل تدريجيا بمهاجمة أهداف في قطاع الطاقة الإيرانية، الذي يشكل معظم دخلها. وهذه العملية تنطوي على مخاطر، لأن من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، التي سُجلت بالفعل، والتسبب بأزمة عالمية. فالصين هي مستوردة النفط الإيراني الأكبر، وقد تدخل إلى الدوامة الشرق أوسطية، وأن تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة، ستكون على حساب المصالح الإسرائيلية”.

وشدد ميلمان على أنه “على إسرائيل السعي لإنهاء الحرب. والاتفاق يجب أن يكون تسوية، تقلص قدرات إيران النووية، لكن، يجب الاعتراف، أنه لن يؤدي لتفكيك البرنامج النووي بالكامل، مثلما يطالب نتنياهو”.

ونقل ميلمان عن مسؤول في الموساد قوله إن “الحرب تقاس بالاستناد لنهايتها، وليس استنادا لضربة أولى مهما كانت ناجحة، وبالتأكيد ليس بالاستناد إلى إعلان حرب شاملة، مثلما تفعل إسرائيل فعليا. وآمل أنه يوجد توافق مع الولايات المتحدة حول إنهاء الحرب. لأنه خلافا لإسرائيل، في العالم توجد مفاوضات بعد الحرب. وإسرائيل قد تكون في وضع تطالب فيه بمفاوضات أن تدفع أثمانا مؤلمة وصعبة”. وفسر ميلمان ذلك بأن تطالب إسرائيل بنزع قسم من قدراتها النووية.