إيران وقيادة محور الفتنة: التأثير الخفي في تأجيج الأزمات في الشرق الأوسط

إيران وقيادة محور الفتنة: التأثير الخفي في تأجيج الأزمات في الشرق الأوسط

أمد/ يشهد الشرق الأوسط واحدة من أكثر الفترات توتراً واضطراباً في تاريخه الحديث، نتيجة لتشابك الصراعات الإقليمية والدولية، وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة، وتصاعد التدخلات الخارجية. وفي قلب هذه الفوضى، تقف إيران باعتبارها اللاعب الرئيسي، ورأس ما يُعرف بـ”محور الشر”، إذ يرى البعض أنها ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في زعزعة استقرار المنطقة ودفعها نحو حروب لا تنتهي.

منذ الثورة الإيرانية عام 1979، انتهجت طهران سياسة تصدير “الثورة”، عبر دعم الميليشيات والأنظمة الموالية لها، متخفية وراء شعارات المقاومة والمظلومية. ومع مرور الوقت، أصبح واضحاً أن هذا الدعم لم يكن موجهاً لمواجهة “العدو المشترك”، بل لتوسيع نفوذها الطائفي والسياسي على حساب سيادة واستقرار الدول العربية.

وتبرز حركة “حماس” في غزة كنموذج واضح لهذا الدور الإيراني. فبالرغم من أن الحركة فلسطينية الأصل والهوية، إلا أن تحالفها الاستراتيجي مع طهران حوّلها إلى أداة إيرانية تتحرك بتوجيه مباشر من الحرس الثوري الإيراني. ما كانت تقوم به من عمليات أو اتخاذ قرارات مصيرية غالباً ما جاء متناغماً مع مصالح إيران، لا مع مصلحة القضية الفلسطينية أو الشعب الغزّي.

ولعل ما يزيد المشهد تعقيداً هو أن الدعم الإيراني لا يقتصر على حماس وحدها، بل يمتد إلى ميليشيات أخرى مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، مما يعكس مشروعاً إقليمياً واسعاً هدفه السيطرة على القرار السياسي والأمني في عدة عواصم عربية.

إن تحميل إيران المسؤولية لا يعني تبرئة بقية الأطراف من أخطائها، لكنه تسليط للضوء على دور مركزي في تغذية الفوضى. فالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط يمران حتماً عبر كبح جماح هذا النفوذ المتشعب، وتجفيف منابع التمويل والتسليح التي تدعم وكلاء طهران في المنطقة.

فما دامت إيران تواصل تصدير الفوضى تحت غطاء “الممانعة”، ستبقى المنطقة رهينة أزمات متجددة، وشعوبها تدفع ثمن صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل.