الإبادة تتواصل بالرغم من غيوم النزاع

الإبادة تتواصل بالرغم من غيوم النزاع

أمد/ كان من بين اهداف تل ابيب وواشنطن في فتح جبهة الصراع مع طهران إضافة للهدف الاستراتيجي في إعادة تغيير هيكلة إقليم الشرق الأوسط، حرف بوصلة الأنظار عن القضية الفلسطينية والابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني عموما وقطاع غزة خصوصا، وقطع الطريق على مؤتمر نيويورك المقرر عقده غدا الثلاثاء 17 حزيران / يونيو الحالي بقيادة واشراف كل من فرنسا والعربية السعودية، ووضع العراقيل أمام اعتراف بعض الدول الأوروبية والغربية وخاصة فرنسا بالدولة الفلسطينية، وإمكانية رفع مكانة الدولة الفلسطينية الى دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وقبل ذلك منح إسرائيل اللقيطة المزيد من الوقت لمواصلة الإبادة الجماعية، وتأجيل البحث في ابرام صفقة جديدة لوقف إطلاق النار على جبهة غزة، والالتفاف على الشارع الإسرائيلي الذي دعا ويدعو الى الافراج عن الرهائن الإسرائيليين، حيث القت نيران الصراع بين دولتهم المارقة والخارجة على القانون إسرائيل وايران ظلالها على المشهد، وأغلقت أفواه المعارضة والشارع الإسرائيلي بهذا الشأن، وبات المجتمع بكل مكوناته اسير الحديث عن افاق القتال، وتعزيز ودعم حكومة الائتلاف الحاكم النازي بقيادة نتنياهو.
في الحقيقة نجح ملك إسرائيل القوي في تغيير أولويات الشارع الإسرائيلي، وتمكن من الهيمنة وفرض اولوياته السياسية والعسكرية والإعلامية والاجتماعية عليه، حتى لم يعد يسمع صوت في الشارع الإسرائيلي ينادي أو يطالب بالإفراج عن الرهائن. ورغم ذلك مازالت الإبادة الجماعية وحرب التجويع والامراض والاوبئة تفتك بالشعب الفلسطيني، وتحتل أولوية لدى قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي، وإن هيمن صوت الصواريخ الإيرانية وقصف الطائرات الإسرائيلية على المدن والمواقع العسكرية والمدنية في طول وعرض إيران، وأخذ الحيز الأكبر والاهم في وسائل ومنابر الاعلام الإسرائيلية والإقليمية والعالمية والاتصالات الدولية منذ فجر الجمعة الماضي (13 يونيو الحالي) بعد فتح إسرائيل بوابات الصراع مع الجمهورية الإيرانية. الا ان الاتصالات البطيئة والخافتة مازالت تجري بشأن ابرام صفقة، وأعلن أمس الاحد 15 يونيو الحالي مستشار الامن القومي الإسرائيلي عن وجود مجموعة من الاقتراحات يجري التداول بشأنها مع الوسطاء لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار على جبهة غزة.
ومع أن نتنياهو تمكن من تأجيل عقد مؤتمر نيويورك بالشاكلة المقررة، الا أن المؤتمر سيعقد غدا الثلاثاء، ولكن على مستوى المندوبين، ولن يحضره القادة ولا وزراء خارجية الدول، حيث تقرر التخلي عن الصيغة التي كانت معدة ومتفق عليها بين كل من فرنسا والمملكة السعودية تحت مظلة الأمم المتحدة والأمين العام غوتيرش بسبب غيوم الصراع الدائر في الاقليم، وعليه قد يتم تأجيل مؤقت للاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية وغيرها من التوجهات التي اتفق عليها بين القائمين على المؤتمر الدولي من اجل إحياء وتعزيز خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.
بيد ان هذا التراجع النسبي في الإعلان عن مخرجات مؤتمر نيويورك، لا يجوز ان يوقف عجلة الحراك السياسي والقانوني الفلسطيني والعربي والدولي، لا بل تفرض الضرورة العمل على تكثيف الجهود الوطنية والقومية لوقف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ووقف التهجير القسري، وإدخال المساعدات الإنسانية بكافة عناوينها للمواطنين الفلسطينيين الذين يتضورون جوعا وتتفشي بينهم الأمراض وتحاصرهم الأوبئة والقتل في مختلف مدن وبلدات ومخيمات النزوح من الشمال الى الجنوب والوسط وامام حلابات الموت الأميركية الإسرائيلية.
ويخشى ان يقوم التحالف الأميركي الإسرائيلي تحت غيوم وظلال الصراع الدائر والمحتدم بين إسرائيل وإيران من إحداث اختراق نسبي في ملف التهجير القسري. لا سيما وانه هدف مركزي للحلفين المتورطين في الإبادة الجماعية، وهو ما يستدعي من قيادة منظمة التحرير والدولة والحكومة الفلسطينية تكثيف العمل والتنسيق مع الاشقاء العرب وخاصة مصر والأردن والسعودية والحلفاء الامميين للحؤول دون جريمة التطهير العرقي الإسرائيلية الأميركية الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية، والضغط على حركة حماس أيضا لمراجعة مواقفها، والزامها بالضوابط والمحددات الفلسطينية التي اكد عليها الرئيس محمود عباس في دورة المجلس المركزي ال32 التي عقدت في نيسان / ابريل الماضي، لإنقاذ ما تبقى من الشعب الفلسطيني، وحماية وجوده وتجذره في ارض وطنه الام فلسطين.