حتى متى…؟ الصراع المستمر مع إسرائيل ومصير لا يمكن تجاهله…

حتى متى…؟ الصراع المستمر مع إسرائيل ومصير لا يمكن تجاهله…

أمد/ “ربما من الأفضل أن نرحل، ونعيد هذه الأرض لأصحابها الأصليين”…
بهذه الجملة الصادمة اختتم الصحفي الإسرائيلي ليفي كوهين مقاله المنشور صباح أمس الاثنين 16/6/2025 م في صحيفة هآرتس، عقب الضربة الإيرانية المؤلمة ردًا على الهجوم الإسرائيلي، والتي وصفها رئيس حكومة الاحتلال بـ”التاريخية”، بينما جاءت الردود لتؤكد أن التهديد الحقيقي بات داخليًا لا خارجيًا فقط.
لم تعد هذه النغمة النادرة في الصحافة الإسرائيلية تعبيرًا فرديًا، بل انعكاسًا لقلق جماعي يتصاعد تحت الرماد.
فقد بدأ الخطاب الإسرائيلي يشهد شرخًا غير مسبوق، بعدما أضحت الكلفة السياسية والأمنية والأخلاقية لسياسات الاحتلال تفوق قدرة المجتمع الإسرائيلي على الاحتمال، لا سيما بعد تحوّل إسرائيل إلى كيان مُطارَد سياسيًا ومرفوض أخلاقيًا في أعين معظم دول وشعوب الأرض.
السؤال اليوم لم يعد: هل ستنتصر إسرائيل أم لا؟
بل أصبح: إلى متى ستقاوم البيئة المحيطة بها من حولها والرافضة لوجودها؟
وإلى متى تستطيع إسرائيل أن تعيش على هذا العداء المستدام مع محيطها، رافضة أي شكل من أشكال التسوية والعدالة، ومتمسكة بتفوق عسكري هشّ لا يصنع شرعية ولا يبني سلامًا ولا يصنع استقرارا ولا أمنا ولا ازدهارا؟
لقد أنفقت إسرائيل عقودًا وهي تفرض ذاتها بالقوة على المحيط، وتروّج لنفسها كـ”دولة ديمقراطية متفوقة”، بينما هي تغتصب الأرض الفلسطينية، وتُهوّد التاريخ، وتُمعن في قتل المدنيين وتهجيرهم. لكن التحديات التي تواجهها اليوم لم تعد تُقاس بالصواريخ والأنفاق، بل بفقدان الثقة الداخلية، والعزلة المتسارعة، وتآكل مبررات المشروع الصهيوني ذاته.
تقرير أو مقال كوهين تضمن اعترافًا بأن نحو مليون إسرائيلي غادروا البلاد بالفعل، وأن أعدادًا مضاعفة قد تلحق بهم بعد نهاية الحرب على غزة والمواجهة مع إيران.
وهو ما يعني أن الكيان لم يعد حلمًا قوميًا، بل صار عبئًا وجوديًا على من بناه وراهن عليه.
أمام هذا كله، يبرز سؤال محوري لا يمكن إنكاره:
هل ما زالت إسرائيل تملك ترف الاستمرار في عداء محيطها العربي وغيره؟
وهل تظن أن بإمكانها البقاء كيانًا دخيلًا وسط شعوب لن تنسى، ولن تغفر جرائمها واعتداءاتها؟
أم أن قدرها المحتوم بات واضحًا: كيان في طريقه إلى الانطفاء والزوال، إن لم يُبادر إلى مراجعة نفسه بعمق، ويتخلّى عن وهم الهيمنة لصالح حلّ عادل يعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الأصلاني صاحب الأرض الأصلي، ويكفّ عن إنتاج العداوة وهدر الدماء والإبادة وفرض سياسات التهجير؟
إن مصير إسرائيل اليوم لا تحدّده ترسانة السلاح، بل قدرتها على التوقف، والمراجعة، والانخراط في حلّ تاريخي يُنهي قرنًا من الألم ومن الصراع الدامي والوجودي.
وإلّا… فإن السؤال سيبقى يُطاردها من الداخل والخارج:
إلى متى يستمر وجودها في ظل استمرار حالة العداء مع المحيط، واستمرار تأجيج الصراع مع الشعب الفلسطيني صاحب الأرض الأصلي ؟…!