العمليات العسكرية في غزة: التوازن بين المبالغة والإنكار

العمليات العسكرية في غزة: التوازن بين المبالغة والإنكار

أمد/ منذ أبريل 2024 كان تقديري أن حماس في غزة لن ترمي سلاحها ولن تخرج من غزة ولن تتنازل عن الحكم رسميا، رغم تدمير كل مؤسسات وكثير من افراد حكم حماس في غزة. هذا التقدير ساعدني في فهم آليات ونتائج التفاوض حول الهدنة في الدوحة.
لقد استنتجت منذ ذلك الوقت أن حماس في غزة قد اخذت قرارها بمواصلة المواجهة مع الجيش الإسرائيلي على طريقة حرب العصابات، دون المواجهة المباشرة مع القوات الاسرائيلية.
لقد اختارت حماس القيام بحرب العصابات من خلال عمليات عسكرية صغيرة متكررة، رغم التباعد بينها، الا انها تأمل أن تتحول حرب العصابات هذه إلى حرب استنزاف طويلة، تعتمد في ذلك على آلة اعلام نشطة تقودها الجزيرة وتبالغ فيها، ومؤيدين نشطاء لها ولهذه العمليات، منتشرين على مواقع السوشيال ميديا في الداخل وتحديدا في الخارج.
هذا إضافة، إلى استخدام المعارضة الإسرائيلية واهالي الرهائن لهذه العمليات للضغط على الحكومة الإسرائيلية في محاولة اسقاطها والرضوخ لشروط الهدنة.
إضافة أن نتنياهو والحكومة الإسرائيلية يبالغون في الاعلان والاعتراف بهذه العمليات للترويج لخطر غزة الذي يهدد أمن ووجود إسرائيل، ولتواصل اسرائيل مخططها التدميري في غزة، وصولا إلى إعدام الحياة فيها وتحقيق الهدف الأعلى: التهجير
هدف حماس من هذه المقاومة هو استمرارية حكمها ووجودها، اما هدف كثير من عناصرها استجابة لاوامر الدين والجهاد، حيث أن كثير منهم لا يعنيهم الهدف السياسي. طبعا حماس تواصل عمليتها هذه دون الأخذ في الاعتبار عدة نقاط:
١. انه من الصعب أن تتواصل هذه العمليات وتتحول إلى حرب استنزاف لانعدام التواصل مع قواعد ارتكاز في الخارج توفر لها الدعم اللازم، رغم توفر القدرة البشرية والتدريبية محليا. لذلك فان إطلاق هذا الاسم (حرب استنزاف) عليها في هذه المرحلة خطأ ومبالغة إعلامية.
٢. لن توقف هذه العمليات الهجوم والمخطط الإسرائيلي
٣. ولن تحسن شروط مفاوضات الهدنة
٤. انها تعطي إسرائيل المبرر أمام شعبها لمواصلة عمليتها العسكرية في تدمير غزة.
٥. ستجبر هذه العمليات اي حكومة اسرائيلية قادمة في حال سقطت حكومة اليمين بقيادة نتنياهو، أن تواصل نفس المخطط العسكري في غزة بحجة أولوية وأهمية اجتثاث حماس من غزة ومنعها من تهديد أمن إسرائيل.
٦. هذه العمليات احد اسباب اطالة الحرب على غزة ومواصلة تدمير المدن الأخرى في غزة شبيها بما حدث في رفح وخزاعة وبيت حانون
٧. كما انها سببا في مواصلة معاناة اهل غزة وانتشار البؤس والجوع ومواصلة نزوحهم وتكرار اخلائهم من مناطقهم
من المفيد التنويه أن تفكيك كتائب حماس وكتائب المقاومة الأخرى والتخلص من قياداتها وكثير من كوادرها واعضائها لن يؤثر على مواصلة هذه الظاهرة، طبعا بهذه الطريقة المحدودة وإلى مدى وامد محدود ايضا، بسبب توفر المخزون البشري والعتاد العسكري اللازم.
مدى مواصلة واستمرارية هذه العمليات يعتمد على امرين: مخطط الجيش الاسرائيلي والمقدرة على توفير العتاد، أي توفر قواعد ارتكاز.
طبعا الذين ينكرون وجود مثل هذه العمليات وتأثيرها المحدود على القوات الاسرائيلية وعلى الروح المعنوية لأبناء حماس ومناصيرها يخطؤون دائما في فهمهم وتحليلاتهم لنتائج حوارات ومباحاثات الهدنة.
اما الذين يبالغون في تاييدها فإنهم بتعامون عن خطر هذه العمليات على نتائج حرب غزة، التدمير والتهجير، ولا يعنيهم حياة بؤس النازخين هناك.
لذلك حتى نفهم الوضع في غزة من الهام النظر الى هذه العمليات في اطارها المحدد، دون إنكار أو مبالغة.