تصريحات وتصرفات المسؤولين في الإدارة الأمريكية تحرج أمام المجتمع الدولي

أمد/ يواصل المسؤولون في الإدارة الأمريكية إظهار مواقف مخزية وانحيازًا فاضحًا لدولة الاحتلال، متجاهلين المبادئ الدولية وحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فقد صرّح السفير الأمريكي لدى كيان الاحتلال، بوقاحة، أن الولايات المتحدة لم تعد تؤيد بشكل كامل قيام دولة مستقلة للفلسطينيين. وأضاف أنه “إذا تم تشكيل دولة، فقد تكون في مكان آخر في المنطقة، بدلاً من الضفة الغربية”. وفي مقابلة مع وكالة “بلومبرغ”، قال مايك هاكابي: “ما لم تحدث بعض الأمور الهامة التي تغيّر الثقافة، فلا مجال لذلك”، مشيرًا إلى أن هذه الأمور “لن تحدث على الأرجح في حياتنا”. وعند سؤاله عما إذا كانت الدولة الفلسطينية لا تزال هدفًا للسياسة الأمريكية كما كانت على مدى العقدين الماضيين، قال بصراحة: “لا أعتقد ذلك”.
وفي نفس السياق، أعرب وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، عن استنكار الولايات المتحدة للعقوبات التي فرضتها حكومات بريطانيا وكندا والنرويج ونيوزيلندا وأستراليا، على وزيرين في الحكومة الإسرائيلية، هما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، المتهمَين بالتحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
كما أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، كان قد صرّح خلال حملته الانتخابية بأن مساحة “إسرائيل” صغيرة جدًا، واقترح منحها مساحة أكبر ضمن المنطقة، على حساب الدول المجاورة. وقد سبق له، خلال ولايته الأولى، أن أعلن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، مخالفًا بذلك قرارات مجلس الأمن الدولي، بل وتجاوز حتى المواقف الأمريكية السابقة، بإعلانه “صفقة القرن” و”ورشة البحرين”، والتي مثلت محاولة صريحة لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء ما يسمى بـ”حل الدولتين”.
الإدارات الأمريكية، سواء السابقة أو الحالية، تستمر في دعم حكومة نيتنياهو الإرهابية، وتمنحها الغطاء الكامل لارتكاب المجازر والإبادة الجماعية في قطاع غزة، إضافة إلى دعم سياسات الاستيطان في الضفة الغربية، وإطلاق العنان للمستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم، في الضفة ومخيماتها، وفي القدس المحتلة.
وفي الوقت ذاته، تلتزم الإدارة الأمريكية الصمت تجاه اقتحامات بن غفير المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، وقيادته لآلاف المستوطنين في استفزاز واضح للعرب والمسلمين، وكذلك تجاه الانتهاكات التي تحدث داخل السجون الإسرائيلية، من تعذيب نفسي وجسدي بحق الأسرى الفلسطينيين، والتي باتت تشبه ممارسات سجن “أبو غريب”.
أما وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، فيواصل قرصنة أموال المقاصة الفلسطينية، ما يفاقم العجز المالي للسلطة الفلسطينية، ضمن مخطط واضح لإنهائها، بعد أن تحوّلت من سلطة محدودة بموجب اتفاق أوسلو إلى دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، وانضمت إلى العديد من المنظمات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية.
وفي ظل هذا السياق، تستعد عدة دول أوروبية، مثل أستراليا، بريطانيا، مالطا، إسبانيا، وفنلندا، للاعتراف بدولة فلسطين، لينضموا إلى 149 دولة سبق أن اعترفت بها. هذا الاعتراف المتزايد يأتي بينما تستمر حكومة نيتنياهو في عدوانها على غزة، لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بتهجير الفلسطينيين، ليس فقط من القطاع، بل ومن الضفة الغربية أيضًا، عبر اعتداءات يومية تنفذها قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين.
وعلى النظام الرسمي العربي أن يدرك بأن المشروع الصهيوني لا يستثني أحدًا. ما جرى في العالم العربي تحت عناوين “الربيع العربي”، أثبت أنه “ربيع عبري”، هدفه الفتنة، وتفتيت الدول المركزية إلى كيانات طائفية ومذهبية ضعيفة، في ظل دعم غربي شامل لـ”إسرائيل”، ماليًا وسياسيًا وأمنيًا ولوجستيًا، بصفتها دولة وظيفية تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
لذلك، فإن المسؤولية لا تقع فقط على الفلسطينيين، بل على كل الدول العربية دون استثناء، لأن الخطر الصهيوني يتهدد الجميع، ويستهدف ما تبقى من سيادة واستقرار في المنطقة.