أطفال غزة: على شفا الفقدان…!

أمد/ في غزة، لا يعود الطفلُ من مدرسته…
بل يعود من المجهول، أو لا يعود!
في غزة، لا تنمو الدُمى…
بل تنمو المقابرُ في الساحات،
ويُعلَّقُ الحليبُ على مشانقِ الحصار،
وترتجفُ الطفولةُ بين مطرقةِ الجوع وسندانِ القصف.
ليس هذا نصًا يُقرأ…
بل نداءٌ يُسمَعُ من تحت الأنقاض،
صرخةٌ مكتومةٌ في حنجرةِ القصيدة،
ووثيقةُ وجعٍ ترفضُ أن يُطوى فيها الدمُ تحت بند «الاعتياد».
في هذا النص، لا يُكتب الشعرُ بالحبر،
بل بالرماد،
ولا تُزخرف الجُملُ بالكلمات،
بل بعظامِ الصغارِ التي لم تجد وسادةً
إلا ترابَ الوطن المصلوب.
هذا النص،
ليس عزاءً،
بل شهادة…
ورفضٌ صارخٌ لأن يُغتَالَ المعنى
وتُسرقَ الطفولةُ من مهدها ..
أطفالُ غزة…
ليسوا أطفالًا كما نعرفُ الطفولة،
هم شظايا نجومٍ،
تكسّرَ ضوؤها في سماءٍ مكسورة،
يمشون حفاةً فوق رمادِ أحلامِهم،
يحملونَ على ظهورِهم
حقائبَ من جوعٍ،
وأكياسَ من رعبٍ،
ونصوصًا من الموتِ لا تُقرأ…!
كلُّ فجرٍ،
يسيلُ من مقلهم حليبُ الذكرى،
ويُهرَقُ في الأزقّةِ صمتٌ أثقلُ من القبور.
ما عادوا يبكون…
فقد تعلّموا أن الدمعَ ترفٌ
في بلادٍ
تغسلُ وجوهَ أطفالِها بالرماد!
في غزة…
الطفلُ يولدُ وبجانبهِ نعشٌ صغير،
وفوق وسادتِه
ينامُ سؤالٌ بلا فم:
هل نكبرُ؟
أم نذبلُ في سطرٍ منسيٍّ
على هامشِ نشرةِ أخبار؟!
هنا…
السماءُ محشوّةٌ بالصواريخِ بدلَ الغيوم،
والقمرُ لا يزورُ النوافذ،
فهو يخافُ من صوتِ القصف
ومن عيونٍ صغيرةٍ
تحلمُ بلُقمةٍ… أو حضنٍ… أو وطن!
أطفالُ غزةَ…
أجنحةٌ مكسورةٌ في مهبِّ الوحش،
يتناثرون كالعطرِ على ترابٍ محترق،
ويسألون اللهَ بصوتٍ خفيّ:
“هل نَسِيناكَ،
أم أن العالمَ قد نَسِينا؟!”
أيُّها الواهمون بالشبعِ خلفَ الشاشات،
أما رأيتمْ اللهَ في وجوهِهم؟
أما شممتمُ القيامةَ
في ضحكةِ طفلٍ تُطاردها القذائف؟
كفّوا عن صمتِكم،
فالسكوتُ صارَ سكينًا
في خاصرةِ القصيدة!
غزةُ ليست نكبةً فقط،
بل نشيدٌ معلَّقٌ على حبالِ المجازر،
قصيدةٌ كُتبتْ على جبينِ العالمِ
بالأحمرِ القاني،
ووقعَها… شهقةُ طفلٍ
نامَ على العدم ….!