حرب الوعي وحرب التجريح

أمد/ الحربان المشار لهما في العنوان هما حرب اوكرانيا، حرب التحسيس، وحرب غزة، حرب التنجيس،
ومع ان حرب اوكرانيا وقعت قبل حرب غزة وما زالت مستمرة، إلا ان حرب غزة اشدّ واقسى ووصفت بحرب ابادة جماعية،
روسيا، وريثة الاتحاد السوفييتي السابق، تُدافع عن امنها القومي امام مدّ وعدوانية النازيين الجدد في اوكرانيا، المدعومين من الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا، أي من حلف الناتو وتوابعه واصدقائه،
ومع كل هذا فان روسيا، كقوّة عظمى تعاملت مع اوكرانيا، وخاصة مع الشعب الاوكراني بنوع من “الاريحية” والحرص والحزم مُطعّما بنكهة لين، أي انها حرب تحسيس، لا مجازر فيها ولا فظاعات ولا تجاوزات، لكن حرب كلاسيكية، جيش مقابل جيش، مع صون وحماية المدنيين وتجنيبهم لهيب الحرب،
لكن في الضفة الاخرى من الحكاية، حرب الابادة الجماعية، العدوانية، على قطاع غزة، حرب التنجيس، فان اسرائيل استخدمت ضد مدنيي قطاع غزة “عصارة” فظاعات وبشاعات كل الحروب السابقة في التاريخ،
جيش قوي مجهّز بالمقاتلات والدبابات والغواصات وكافة وسائل القتال والقتل والدمار، ضد مدنيين عزل، ومقاومة مدافعة بما هو متاح من الاسلحة المتوسطة والخفيفة،
وبدعم وشراكة امريكية تامة وحثيثة ومضطردة ومتزابدة ومتصاعدة،
إلى جانب صمت من اوروبا وصمت مماثل من الدول العربية والاسلامية،
حوّلت اسرائيل قطاع غزة إلى كومة من الركام وقتلت وجرحت وشرّدت الآلاف من المدنيين، الذين لا يجدون ملجأ في اي مكان في القطاع المحاصر المدمر المنكوب،
فشتان بين حرب التحسيس، الحرب العقلانية، تتقيّد بقوانين الحرب والقوانين الدولية،
وبين حرب التنجيس، الحرب المجنونة، المنفلة من عقال القوانين الدولية وقوانين الحرب،
والتي تستهدف المدنيين قتلا وتشريدا وتجويعا، وتُرتكب المجازر والفظاعات كل يوم،
حرب روسيا على اوكرانيا حرب دفاعية عن الامن القومي الروسي، لكنها لا تُسبب ويلات على الشعب الاوكراني، بل تأخذ بالحسبان الروابط التاريخية والعرقية ما بين الشعبين الاوكراني والروسي،
أما حرب غزة فهي حرب عدوانية، موصوفة وموسومة بحرب ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، وان القائمين عليها، نتنياهو، ووزير حربه السابق غالانت مطلوبان كمجرمي حرب للجنائية الدولية في لاهاي.