بعد الهجمات الإسرائيلية.. هل سيتأثر قطاع النفط في إيران؟

شنت إسرائيل، صباح اليوم الجمعة، سلسلة غارات جوية على مواقع إستراتيجية داخل إيران، استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية، إلى جانب قيادات عسكرية رفيعة، فيما وصفته بأنه بداية «عملية مطوّلة» لردع طهران عن تطوير سلاح نووي.
وعلى الرغم من حجم التصعيد، أكدت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط أن منشآت التكرير والتخزين لم تتعرض لأي أضرار مباشرة، ما خفف من وطأة القلق الآني في أسواق الطاقة، وفقاً لما نقلته رويترز.
وتُعد إيران واحدة من أبرز منتجي النفط ضمن منظمة أوبك، حيث تضخ نحو 3.3 مليون برميل يومياً، وهو ما يشكّل حوالي 3% من إجمالي الإنتاج العالمي، ما يجعل أي تهديد لصادراتها عاملًا حساساً في ميزان الإمدادات الدولية.
ذروة الإنتاج والعقوبات
من الناحية التاريخية، وصلت إيران إلى ذروة إنتاجها في سبعينيات القرن الماضي، حين سجلت في العام 1974 مستوى قياسياً بلغ ستة ملايين برميل يومياً، وهو ما كان يعادل حينها أكثر من 10% من الإنتاج العالمي.
لكن ذلك المسار تغير جذرياً بعد الثورة الإيرانية، وفرض الولايات المتحدة أول حزمة من العقوبات على طهران في العام 1979، ما مهّد لعقود من القيود الغربية التي كبّلت القطاع النفطي.
التطور الأخطر جاء في 2018، حين انسحب الرئيس الأميركي، آنذاك، دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ما أدى إلى إعادة فرض عقوبات اقتصادية خانقة دفعت صادرات إيران النفطية إلى مستويات شبه صفرية في بعض الفترات.
إلا أن تلك الصادرات عادت تدريجياً إلى الارتفاع في عهد إدارة جو بايدن، في ظل سياسة أكثر مرونة بالتنفيذ، ونجاح طهران في الالتفاف على القيود باستخدام وسائل تهريب مدروسة، مثل تبديل السفن في عرض البحر، وإخفاء مواقع الناقلات.
الصين تفتح الأبواب
إيران ليست ملزمة بالقيود الإنتاجية المفروضة على أعضاء أوبك، ما يتيح لها مساحة مناورة أكبر في الأسواق. في الأشهر الأخيرة، ارتفعت صادرات الخام الإيراني إلى أعلى مستوى لها منذ 7 سنوات، حيث بلغت 1.8 مليون برميل يوميأ، مدفوعة أساساً بالطلب المتنامي من الصين.
ورغم إدراج واشنطن لبعض مصافي التكرير الصينية على لوائح العقوبات، فإن شحنات النفط الإيراني لم تتأثر بشكل كبير حتى الآن.
منشآت حساسة ومخاطر قائمة
تنتج إيران أيضاً نحو 34 مليار قدم مكعبة من الغاز يومياً، وهي كمية تُعادل 7% من الإنتاج العالمي، إلا أن هذا الغاز يُستهلك بالكامل داخل السوق المحلية، دون أي صادرات ملحوظة.
أما على مستوى البنية التحتية، فتتركز معظم مرافق إنتاج النفط في إقليم خوزستان جنوب غرب البلاد، بينما تتوزع منشآت الغاز في إقليم بوشهر، إضافة إلى المكثفات المنتجة من حقل بارس الجنوبي، الذي يُعد من أكبر حقول الغاز في العالم. ويجري تصدير نحو 90% من النفط الإيراني الخام عبر جزيرة خرج.
ورغم أن الضربات الإسرائيلية لم تصب قطاع الطاقة الإيراني مباشرة، إلا أن استمرار التوتر قد يضع منشآت التصدير تحت خطر دائم، ما يدفع الأسواق إلى الحذر.
ويرى محللون أن السعودية، وعدداً من كبار المنتجين في أوبك، قد يتمكنون من تعويض أي تراجع في الإمدادات الإيرانية إذا ما تصاعدت الأزمة، لكن ذلك سيعتمد على مدى قدرتهم على استغلال الطاقة الفائضة المتوافرة لديهم، وهي بدورها تخضع لضغوط تشغيلية مستمرة.