ضربات إسرائيل ضد إيران: تأثيرها على مستقبل أسعار ومدد النفط؟

شهدت أسواق النفط العالمية قفزة تجاوزت 9% في أسعار خام برنت، إثر الضربة الإسرائيلية ضد إيران، حيث ارتفع السعر ليقترب من 90 دولاراً للبرميل، قبل أن يقلص مكاسبه إلى 5.6% ليدور حول 73 دولاراً للبرميل.
جاء ذلك وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع وتعطيل إمدادات النفط من الشرق الأوسط الغني بالبترول، خاصة في ظل التهديدات الإيرانية المحتملة بإغلاق مضيق هرمز واستهداف ناقلات الطاقة.
ومضيق هرمز هو ممر ضيق بين إيران وسلطنة عُمان، يمر عبره نحو 20% من الاستهلاك العالمي من النفط.
ماذا يقول المحللون؟
قال محللون في «سيتي غروب» إن انقطاعات إمدادات النفط يمكن أن تكون محدودة، مضيفين أنه في حين أن التوتر الجيوسياسي المتصاعد قد يستمر، فمن المستبعد أن تبقى أسعار الطاقة مرتفعة لفترة طويلة، بحسب ما نقلته «رويترز».
وذكر «كومرتس بنك» أن أي ارتفاع إضافي في أسعار النفط سيعتمد على مخاطر الإمدادات في حال حدوث تصعيد، مضيفا أنه من غير المرجح أن تنخفض الأسعار إلى ما دون 70 دولارا للبرميل في الوقت الحالي، بحسب رويترز.
وفي حديث مع «إرم بزنس»، قال أبوبكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي: «الحرب في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران، أعادت خلط أوراق الاقتصاد العالمي بشكل كبير، حيث وضعت قطاعي الطاقة والنقل تحت ضغط هائل، وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% نتيجة مخاوف من تعطل الإمدادات وتهديد الملاحة في مضيق هرمز ما أدى إلى زيادة تكاليف الطاقة عالمياً».
أوضح أن شركات النقل البحري بدأت تحويل مساراتها بعيداً عن المنطقة لتجنب المخاطر، ما أدى إلى إطالة زمن الرحلات ورفع التكاليف التشغيلية، كما رفعت شركات التأمين رسومها بنسبة تصل إلى 30% على السفن المارة عبر هذه الممرات، وتسبب ذلك في زيادة أسعار السلع الأساسية عالميا، خاصة النفط والغاز والمنتجات الصناعية.
ويرى كاتب عمود الطاقة في رويترز، رون بوسو، أنه في حال إغلاق مضيق هرمز، فمن المرجح أن ترتفع أسعار النفط بشكلٍ حاد، وربما تتجاوز حاجز الـ100 دولار، خاصة أن السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق يصدرون معظم نفطهم عبر هذا المضيق نحو آسيا.
محاولات لتجاوز مضيق هرمز
وبحسب بوسو، سعت السعودية والإمارات في السنوات الماضية إلى إيجاد بدائل لمضيق هرمز من خلال بناء خطوط أنابيب نفطية، فالسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تنقل جزءًا من إنتاجها عبر خط أنابيب يمتد من حقل بقيق شرق البلاد إلى ميناء ينبع على ساحل البحر الأحمر، ويبلغ طاقته 5 ملايين برميل يومياً، وتم توسيعها مؤقتاً لتصل إلى 7 ملايين برميل يومياً في 2019.
ويُستخدم هذا الخط غالباً لتزويد مصافي أرامكو على الساحل الغربي، كما صدرت المملكة نحو 1.5 مليون برميل يومياً من موانئها الغربية في 2024، منها 839 ألف برميل من النفط الخام، بحسب بيانات شركة كبلر للتحليلات.
أما الإمارات، التي بلغ إنتاجها 3.3 مليون برميل يومياً في أبريل، فتمتلك خط أنابيب بقدرة 1.5 مليون برميل يومياً ينقل النفط من حقولها البرية إلى ميناء الفجيرة، الواقع شرق المضيق، بحسب بوسو.
أما بالنسبة للعراق والكويت، فخيار التجاوز محدود أمامهما، نظراً لكونهما لا يملكان سواحل إلا على الخليج.
وفرة الإمدادات قد تُخفف من الأثر
استبعد بنك «غولدمان ساكس» انقطاعات في إمدادات النفط من الشرق الأوسط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران.
وحافظ البنك على توقعاته بأن النمو القوي للمعروض بخلاف النفط الصخري الأميركي سيؤدي إلى انخفاض أسعار نفط خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط إلى نطاق 55-59 دولاراً في الربع الرابع من عام 2025 وإلى نطاق 52-56 دولاراً في عام 2026.
لكن البنك يرى أنه في حال أدى الضرر المحتمل للبنية التحتية للتصدير في إيران إلى انخفاض العرض مؤقتاً بمقدار 1.75 مليون برميل يومياً، وساهم إنتاج «أوبك+» الإضافي في تعويض نصف العجز الإيراني، فقد يصل سعر خام برنت إلى ما يزيد قليلاً عن 90 دولاراً للبرميل قبل أن يتراجع إلى 60 دولاراً في 2026.
ورفع تحالف «أوبك+» إنتاج النفط بنحو 1.37 مليون برميل يومياً، وما زالت تخفيضات الإنتاج المتبقية تصل إلى 4.5 مليون برميل يومياً، وهو ما بوسعه أن يعوض السوق العالمي عن 1.8 مليون برميل يوميًا متوسط صادرات النفط الإيراني خلال الأشهر الماضية بحسب «رويترز».
ويتفق محللو «بلومبرغ إنتلجينس» مع احتمالات ارتفاع أسعار النفط على المدى القصير ليصل سعر برميل الخام الأميركي إلى 90 دولاراً في المدى القريب، قبل أن ينخفض على المدى البعيد إلى 40 دولاراً.
وقال مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، لـ«إرم بزنس»، إن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولاراً للبرميل في حال تطورت الأحداث للأسواء، وهو ما سيؤثر على تكلفة الطاقة في جميع أنحاء العالم.
وذكر بنك «جيه.بي مورغان» في مذكرة بتاريخ أمس الخميس أن بعض أسوأ الاحتمالات في الشرق الأوسط قد تدفع أسعار النفط إلى ما بين 120 و130 دولاراً للبرميل.
احتياطيات الطوارئ
أبدت وكالة الطاقة الدولية استعدادها لاستخدام مخزونات النفط لحالات الطوارئ في حال تعرض السوق لنقص في المعروض.
وقال رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إنه على الرغم من وجود معروض وفير في سوق النفط، فإن الوكالة ستكون مستعدة للتحرك إذا لزم الأمر، مضيفا أن الوكالة لديها في منظومتها لأمن النفط 1.2 مليار برميل من النفط في الاحتياطيات الاستراتيجية واحتياطيات الطوارئ.
لكن الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيص، يرى في المقابل، أنه لا توجد تطورات في آليات العرض أو السوق “تبرر اتخاذ تدابير غير ضرورية”.
ووصف تصريح بيرول بأنه “يثير إنذارات كاذبة ويثير شعوراً بالخوف في السوق من خلال تكرار الحاجة غير الضرورية لاحتمال استخدام مخزونات الطوارئ النفطية”.