مضيق هرمز: بوابة الطاقة العالمية تحت ضغوط الاضطرابات الإقليمية

يعود مضيق هرمز إلى واجهة الأحداث الدولية مجدداً، مع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، وسط مخاوف متزايدة على أمن واحد من أكثر الممرات المائية أهمية لشحن النفط والغاز في العالم.
وجاءت هذه التطورات بعد أن شنت إسرائيل غارات جوية، الجمعة، استهدفت منشآت نووية إيرانية وأسفرت عن مقتل قادة عسكريين بارزين في طهران؛ ما أثار مخاوف من اندلاع صراع إقليمي واسع النطاق.
ووفقاً لبيانات نقلتها وكالة «بلومبرغ»، فإن نحو 16.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمكثفات مرت عبر المضيق في عام 2024؛ ما يجعله شرياناً لا غنى عنه في تجارة الطاقة العالمية.
كما تمر من خلاله كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، معظمها من قطر، بما يشكل أكثر من خُمس الإمدادات العالمية.
موقع استراتيجي محفوف بالمخاطر
يقع مضيق هرمز بين إيران من الشمال ودولة الإمارات وسلطنة عمان من الجنوب، ويبلغ طوله حوالي 100 ميل (161 كيلومتراً)، بينما يضيق عرضه إلى 21 ميلاً فقط في أضيق نقطة، مع ممرات شحن بعرض ميلين فقط في كل اتجاه.
وتزيد ضحالته وقربه من السواحل، خصوصاً الإيرانية، من خطورة تعرض السفن لهجمات صاروخية أو ألغام بحرية أو اعتراضات من قِبل زوارق سريعة أو مروحيات عسكرية.
تاريخ من التهديدات والاحتجازات
لطالما استخدمت إيران المضيق كأداة ضغط جيوسياسية، ولا سيما في ظل العقوبات المفروضة عليها.
ففي أبريل 2024، وقبيل هجوم صاروخي على إسرائيل، احتجزت قوات الحرس الثوري الإيراني سفينة الحاويات «إم إس سي آريز» المرتبطة بإسرائيل، بدعوى مخالفتها قوانين الملاحة.
وعلى الرغم من الإفراج لاحقاً عن طاقمها، إلا أن التحليلات أشارت إلى أن الدافع الحقيقي كان صلتها بإسرائيل.
وكذلك في عام 2023، احتجزت طهران ناقلة نفط متجهة إلى الولايات المتحدة بحجة اصطدامها بسفينة أخرى، في خطوة فسرت على أنها رد على مصادرة ناقلة نفط إيرانية من قبل السلطات الأميركية قبالة سواحل ماليزيا.
كما احتجزت إيران ناقلتين يونانيتين في مايو 2022، رداً على مصادرة شحنات نفطها في اليونان، ولم تفرج عنهما إلا بعد إطلاق سراح شحنتها المحتجزة.
هل سبق أن أغلقت إيران المضيق؟
ورغم التهديدات المتكررة، لم تُقدم إيران حتى الآن على إغلاق المضيق فعلياً.
وخلال «حرب الناقلات» في الثمانينيات، تعرضت أكثر من 450 سفينة لهجمات من قبل الجانبين الإيراني والعراقي.
وهددت طهران في عام 2011 بإغلاق المضيق رداً على العقوبات الدولية، لكنها تراجعت في نهاية المطاف، مدركة أن ذلك سيضر بصادراتها النفطية.
كما صرح قائد القوات البحرية في الحرس الثوري، العميد علي رضا تنكسيري، قبل احتجاز سفينة «إم إس سي آريز» أن إيران تمتلك القدرة على تعطيل حركة الملاحة في المضيق، لكنها «تختار عدم القيام بذلك».
جهود الحماية الدولية
ولجأت البحرية الأميركية خلال حرب الناقلات إلى مرافقة السفن التجارية.
وفي عام 2019، أطلقت واشنطن عملية «الحارس»، التي تحولت لاحقاً إلى «التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية»، بمشاركة دول منها السعودية، الإمارات، البحرين، والمملكة المتحدة.
غير أن الاهتمام الدولي تحوّل مؤخراً نحو البحر الأحمر وباب المندب، حيث تصاعدت تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.
من يعتمد على المضيق؟
تُعد السعودية من أكبر الدول المصدرة عبر مضيق هرمز، لكنها تمتلك خط أنابيب بطول 1,200 كيلومتر إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر يمكنه تجاوز المضيق.
كما يمكن للإمارات تصدير نحو 1.5 مليون برميل يومياً من خلال خط أنابيب إلى ميناء الفجيرة المطل على خليج عمان.
في المقابل، تعتمد كل من العراق، الكويت، قطر، والبحرين بشكل شبه كامل على المضيق لتصدير نفطها.
وتعتمد معظم الصادرات النفطية التي تمر عبر المضيق على الأسواق الآسيوية. حتى إيران نفسها تعتمد على المضيق، رغم تدشينها محطة تصدير في “جاسك” عند الطرف الشرقي منه في يوليو 2021.
ورغم أن هذه المنشأة توفر منفذاً بديلاً محدوداً، إلا أن الجزء الأكبر من صادراتها لا يزال يمر عبر المضيق.
ومع تزايد التوترات، يبقى مضيق هرمز نقطة تقاطع حساسة بين الأمن البحري العالمي وصراعات السياسة الإقليمية؛ ما يجعله أحد أخطر النقاط في تجارة الطاقة الدولية.