العراق يسعى ليصبح مركزًا ماليًا إقليميًا من خلال أربع استراتيجيات رئيسية

العراق يسعى ليصبح مركزًا ماليًا إقليميًا من خلال أربع استراتيجيات رئيسية

حدّد المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، اليوم الأحد، أربعة عوامل استراتيجية تجعل من العراق مركزاً مالياً إقليمياً، مؤكداً أن العراق يمتلك احتياطيات أجنبية تتجاوز 100 مليار دولار.

وقال صالح إن «هنالك أربعة عناصر من عناصر القوة التي تجعل من العراق مركزاً مالياً إقليمياً، يتقدمها أولاً كونه ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منطقة الشرق الأوسط، ويمتلك رابع أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، والتي يتسابق من خلالها في أخذ أسبقية دوره في سوق الطاقة العالمية، وذلك بالمزيد من الإنتاج وتحقيق تدفقات مالية تجعله مرتكزاً مالياً واقتصادياً في الجغرافيا الاقتصادية للشرق الأوسط، من خلال تحقيق فوائض مالية كبيرة يمكن توجيهها للاستثمار في البنية التحتية المالية»، وفق وكالة الأنباء العراقية «واع».

ذكر أن «العراق يمتلك احتياطيات أجنبية تجاوزت 100 مليار دولار، ما يمنحه هامش أمان مالي كبيراً وثقة في الاستقرار النقدي وجاذبية استثمارية مالية عالية».

أضاف أن «العامل الثاني هو الموقع الجيواقتصادي المميز للعراق، الذي يعد ممراً حيوياً يربط شمال العالم بجنوبه، وهو ما يمثل فضاءً اقتصادياً منفتحاً بين أسواق العالم وتجاذباتها المالية والتجارية، بروابط توفر مناخات مهمة في تمركز أسواق مالية إقليمية، ستتمحور حول استراتيجية (مشروع التنمية) الرابط بين أوروبا والخليج».

تابع: «أما العامل الثالث، فهو العامل الديموغرافي أو البشري، ومرتكزه الهبة السكانية، إذ إن بلوغ نسبة السكان دون الثلاثين عاماً بات أمراً قريباً، ما يجعل العراق من الأمم الشابة، فنسبة الشباب العالية (أكثر من 60% دون سن الثلاثين) ستوفر قاعدة بشرية مرنة قابلة للتدريب في التكنولوجيا المالية، والابتكار المصرفي، والتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي»، منوهاً بأن «الحكومة تتولى إنشاء كلية مهمة لعلوم الذكاء الاصطناعي كمدخلات لسوق العمل المالي ومرتكزاتها».

أردف: أما «العامل الرابع، فيتمثل في تحديث الحوكمة في المصارف الحكومية وإعادة هيكلتها، لكونها تهيمن حالياً على 80% أو أكثر من النشاط المصرفي»، مؤكداً أن «حملة الإصلاح التي تقودها الحكومة اليوم للمصارف المذكورة تصب في جعل العراق مركزاً مالياً عالمياً بعد تخليصها من مخاطر البيروقراطية وضعف الكفاءة الموروثة منذ عقود طويلة».

كما أشار إلى «أهمية الدفع الإلكتروني والتوسع التدريجي في استخدام البطاقات المصرفية ونقاط البيع والجباية والمحافظ الذكية، مما ساعد على تحقيق قفزات مهمة في الشمول المالي الرقمي، مع توافر سوق العراق للأوراق المالية وهيئة الأوراق المالية، اللتين تعملان بشكل تكاملي وقوي وواعد كبنية أساسية لجعل العراق مركزاً إقليمياً في ترسيخ الاستقرار المالي المؤسساتي للبلاد».

أوضح المسؤول العراقي أن «متطلبات البنية التحتية القانونية والتنفيذية والتنظيمية تُعد الذراع المهمة لتوافر هذا التحول، ومنها على سبيل المثال ربط المصارف بمنصات دفع إلكتروني فاعلة، ودعم التطور الحاصل في مركز البيانات الوطني الحالي ليكون بمثابة البنية التحتية الرقمية السيادية المالية التي تدعم جهود العراق للتحول إلى مركز مالي إقليمي».

لفت إلى أن «تحول العراق إلى مركز مالي إقليمي يكون عبر جمع وتكامل البيانات المالية والمصرفية والاقتصادية، ودعم السياسات النقدية والمالية الذكية، وتمكين التكنولوجيا المالية والتحليل الذكي للبيانات، وتعزيز الشفافية وحوكمة المؤسسات المالية، وتحفيز قطاع التمويل غير المصرفي مثل شركات التمويل الصغيرة، وإصلاح قطاع التأمين، وإجازة شركات التكنولوجيا المالية (Fintech)».

أشار إلى أن «الاستقرار السياسي والقانوني والمؤسسي الراهن الذي تعيشه بلادنا اليوم بشكل مزدهر وراسخ، هو المنطلق الحقيقي للقوة المالية، فلا مركز ماليا من دون بيئة سياسية وقانونية مستقرة وآمنة».

أكد صالح «أهمية تحقيق شراكات إقليمية ودولية، مثل دراسة أهمية الانضمام إلى أنظمة الدفع الإقليمية، والبنى المالية لمجموعة دولية مثل دول العشرين أو بريكس، أو الشراكات مع مراكز مالية قوية في سنغافورة ودبي وهونغ كونغ وغيرها».