تطورات مثيرة في سوق النفط: ما implications استهداف المصافي وتهديد إغلاق مضيق هرمز؟

دخلت المواجهة بين إيران و إسرائيل مرحلة جديدة مع قصف تل أبيب للبنية التحتية للطاقة في طهران وتلويح الأخيرة بغلق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس إجمالي استهلاك النفط في العالم، ما يضع إمدادات النفط على المحك.
ويتوقع خبراء في أسواق الطاقة، تحدثوا لـ«إرم بزنس»، أن تتجاوز أسعار النفط عتبة 100 دولار وتصل إلى نحو 120 و130 دولارا حال توسعت الضربات الإسرائيلية التي بدأت الجمعة وواصلت استهداف منشآت طاقة، وحال نفذت طهران تهديداتها بغلق مضيق هرمزالذي يمر من خلاله قرابة 18 إلى 19 مليون برميل يوميا من النفط والمكثفات والوقود.
يتوقع بنك “جيه.بي مورغان” أن ترتفع أسعار النفط إلى قرب 130 دولارا للبرميل في حال إغلاق مضيق هرمز، وهو سيناريو اعتبره البنك خطيرا لكن احتمالاته منخفضة، وكذك توقع بنك غولدمان ساكس في مذكرة أنه في أسوأ الظروف، مثل إغلاق مضيق هرمز، قد ترتفع الأسعار لتتجاوز 100 دولار للبرميل.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية، السبت، عن القيادي في الحرس الثوري، اللواء إسماعيل كوثري، قوله إن إغلاق مضيق هرمز قيد الدراسة، وأن طهران ستتخذ القرار الأفضل بحزم.
استهداف منشآت الطاقة
وذكرت شركة مصافي النفط المحدودة الإسرائيلية في إفصاح تنظيمي لبورصة تل أبيب الأحد، أن خطوط أنابيب وخطوط نقل تابعة لها في حيفا تضررت جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية، وتم إغلاق بعض عمليات المصب.
وجاء ذلك غداة إعلان وزارة النفط الإيرانية أن إسرائيل استهدفت خزانات للنفط والوقود في مستودع شهران النفطي في جنوب طهران، بخلاف استهداف مصفاة «فجر جم» للغاز، وهي إحدى أكبر المصافي في إيران بالإضافة إلى حقلي نار وكنغان، بحسب إعلام إيراني.
كما هاجمت إسرائيل حقل غاز بارس الجنوبي الإيراني العملاق، وعلقت السلطات الإيرانية الإنتاج في جزء من الحقل، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» ونقلت عن مسؤول مطلع لم تسمه، قوله إن هذا الهجوم الإسرائيلي «متهوّر ويهدد أمن الطاقة العالمي».
صورة لمضيق هرمز ملتقطة بالأقمار الصناعية – 11 يوليو 2021 المصدر: (أ ف ب)
أسبوع حاسم
خبير أسواق الطاقة، ومدير مركز معلومات ودراسات الطاقة بالمملكة المتحدة، الدكتور مصطفى البزركان، قال لـ«إرم بزنس»، إن «هناك تصاعدا للقلق بأسواق النفط بعد تبادل تلك الضربات بين إسرائيل وإيران لمنشآت الطاقة».
ويعتقد أنه «مع تصاعد المواجهات العسكرية والقصف المتبادل ارتفعت أسعار النفط الخام والغاز ومن المتوقع وبعد ساعات ستفتتح أسواق آسيا وستشهد أسعار النفط الخام ارتفاعا قد يصل إلى سعر 80 دولارا للبرميل خلال اليومين القادمين»، لافتا إلى أنه «أيضا ستشهد أسعار الغاز الإثنين قفزة بالأسعار قد تتجاوز 14% وقد يصل سعر الغاز إذا تصاعدت المواجهات العسكرية بين إسرائيل وايران ليتجاوز 4 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية».
ويتوقع البزركان أن «بداية الأسبوع ستكون مرحلة انتقالية باتجاه التخفيف أو التصعيد وسينعكس ذلك صباح الاثنين على أسواق النفط والغاز والبورصات والأسواق المالية وأسعار الدولار والذهب وسندات الخزانة الأميركية».
تأثير كبير محتمل
ويرى خبير أسواق الطاقة والمستشار السابق في صندوق النقد الدولي، الدكتور محمد سرور الصبان، في حديث لـ«إرم بزنس» أن «هذه الضربات تأتي في ظل الضبابية الكبيرة المتواجدة في الأسواق العالمية مع ارتفاع معدلات التضخم وركود نسبي في الاقتصاديات الكبيرة».
ويؤكد الصبان الذي كان كبير مستشاري وزير النفط السعودي سابقا، أن «هذه التطورات ستدفع لتأثير كبير على أسعار النفط والغاز في ظل ترقب الأسواق لاحتمال إغلاق لمضيق هرمز والذي قد يمتد كذلك لباب المندب».
ولا يستبعد الصبان «استمرار الصدمات لأسواق النفط العالمية ووصول سعر البرميل لأكثر من 100 دولار والوصول لـ120 دولارا في حالة إغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله 18% من مجمل الإمدادات العالمية».
تقلبات حادة
يحذر تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن، الأحد، من أن «استهداف إسرائيل لمنشآت طاقة داخل إيران، وردّ طهران بالمثل، يشكّل تصعيدًا خطيرًا في المشهد الجيوسياسي للطاقة، وينذر بتداعيات اقتصادية عالمية واسعة، على رأسها تقلبات حادة في أسعار النفط والغاز، وضغوط تضخمية على الاقتصادات الكبرى».
وسجلت الأسواق النفطية فور الضربات ارتفاعًا في أسعار خام برنت إلى مستويات 75 دولارًا للبرميل، وسط مخاوف من توسع دائرة النزاع. كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وآسيا، في ظل توقعات باضطراب إمدادات الطاقة القادمة من الخليج العربي، بحسب التقرير ذاته.
وقال مدير البحوث الاقتصادية بالمركز والمختص بالشؤون الطاقة، الدكتور صادق الركابي، لـ«إرم بزنس» :«لقد شهدنا في هذه الأزمة ما يشبه الصدمة النفسية في أسواق الطاقة، حيث بات المضاربون والمستهلكون على حد سواء يتحسبون لأي تهديد يطال مضيق هرمز».
ويعتقد الركابي أنه «إذ تم الإغلاق، فسيشكل صدمة فورية للأسواق، حيث من المتوقع أن تقفز أسعار النفط إلى مستويات تتراوح بين 120 و150 دولارًا للبرميل، وأن تتضاعف أسعار الغاز المسال عالميًا، بخلاف آثار كارثية على الاقتصاد العالمي، حيث سترتفع تكاليف الشحن، وتتسع موجات التضخم، وقد تدخل بعض الاقتصادات الكبرى في ركود تقني».
ويرى أن «الإغلاق الكامل لمضيق هرمز لن يكون مجرد إجراء عسكري، بل سيكون إعلانًا عن بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي عنوانها: أمن الطاقة»، مؤكدا أن «العالم أمام مفترق طرق إما احتواء الأزمة وإعادة ضبط الصراع، أو الدخول في موجة طويلة من التوترات قد تعيد تشكيل سوق الطاقة العالمي بالكامل».
سوق هشة
يرى المتحدث السابق باسم وزارة النفط العراقية والخبير في مجال الطاقة، عاصم جهاد، في حديث لـ«إرم بزنس» أن «أسواق النفط العالمية تراقب بحذر في ظل ارتفاعات تتوالى وقد تتشد مع استمرار وتيرة الحرب خاصة وإيران إحدى الدول المنتجة المهمة في منظمة أوبك .
وأكد جهاد أن «السوق النفطية تعد سوقاً هشة لتأثرها السريع بالعوامل والظروف الجيوسياسة والأمنية والاقتصادية والمضاربات وغير ذلك»، لافتا إلى أن «تداعيات إغلاق مضيق هرمز ستكون كبيرة ومؤثرة على السوق النفطية العالمية والاقتصاد العالمي».