الشركات المصرية للأسمدة تواجه أزمة نتيجة انقطاع الغاز جراء توترات المنطقة

دفعت المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، وما تبعها من وقف لإمدادات الغاز الإسرائيلي لمصر، إلى تفعيل خطة الطوارئ في قطاع الغاز المصري، ووقف الإمدادات لبعض الأنشطة الصناعية وفي مقدمتها الأسمدة، تجنباً للعودة لخطة تخفيف الأحمال الكهربائية التي نفذتها مصر العام الماضي.
على إثر خطة الطوارئ، اضطرت مصانع الأسمدة المصرية إلى وقف الإنتاج منذ 3 أيام بسبب انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي الآتية من إسرائيل.
وتستورد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل منذ عام 2020، بما يتراوح بين 800 مليون ومليار قدم مكعب يومياً، لسد جزء كبير من عجز الغاز (الفارق بين الإنتاج والاستهلاك) في البلاد والمقدّر بنحو 3.5 مليار متر مكعب يومياً، وفقاً لتقارير صحفية.
توقف مؤقت وتدخل سريع
قال رئيس غرفة الصناعات الكيماوية في اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس شركة أبو زعبل للأسمدة والكيماويات، شريف الجبلي، إن وقف إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة في مصر إجراء مؤقت نتيجة الظروف الإقليمية الطارئة، وإن الحكومة المصرية اتخذت حزمة إجراءات للتعامل مع الأزمة بشكل سريع.
وأضاف الجبلي لـ«إرم بزنس» أن شركات الأسمدة الآزوتية في مصر قد تستغل فترة التوقف المؤقت في إجراء أعمال الصيانة الدورية، استعداداً لعودة العمل فور استقرار الأوضاع.
«شركات الأسمدة الآزوتية الأكثر تضرراً بنقص إمدادات الغاز، لكن شركات الأسمدة الفوسفاتية لن تتأثر»، بحسب الجبلي، والذي أوضح أن السوق المصرية تضم نحو 6-7 شركات أسمدة آزوتية، هي «أبو قير للأسمدة»، «حلوان للأسمدة»، «النصر للأسمدة»، «موبكو للأسمدة»، «المصرية للأسمدة« و«الإسكندرية للأسمدة».
سفن التغييز
قال رئيس الغرفة الصناعات الكيماوية إن الحكومة المصرية متعاقدة على شحنات عدة من الغاز الطبيعي قبل بداية الأزمة الراهنة، لكنها فعّلت خطة طوارئ الغاز كإجراء احترازي تحسباً لأية مشكلات في سلاسل الإمداد.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، السبت، أن بلاده لديها تعاقدات على شحنات غاز، واحتياطي ومخزون من المازوت، وتعمل على تأمين مختلف الاحتياجات من المواد البترولية المختلفة.
ووقعت مصر اتفاقيات عدة مع شركات طاقة وتجارة الأسبوع الماضي لشراء ما لا يقل عن 150 شحنة من الغاز الطبيعي المسال في أكبر عملية استيراد تقوم بها على الإطلاق والتي ستكلفها أكثر من ثمانية مليارات دولار بالأسعار الحالية.
مدبولي أضاف في تصريحاته هذا الأسبوع، أن الحكومة المصرية تعمل على إدخال سفينتي تغييز للخدمة بحلول الأسبوع الأول من يوليو المقبل؛ ما سيؤمّن احتياجات مصر من الغاز ويجعلها غير معرضة لمشكلات إذا انقطعت الإمدادات من شبكات الدول المحيطة.
إلى ذلك تأمل مصر أن تشغّل 3 سفن للتغييز خلال أسبوعين، بحسب مدبولي، والذي أوضح أن هذه السفن تصل طاقاتها الاستيعابية إلى 2250 قدماً مكعباً يومياً، بينما كانت هذه الطاقات العام الماضي نحو 1000 قدم مكعب فقط.
وبجانب السفن الثلاث تعمل مصر كذلك على إيجاد سفينة تغييز رابعة احتياطياً، وفقاً لرئيس الوزراء.
تأثير توقف مصانع الأسمدة
قالت رئيس قطاع البحوث بشركة «فيصل» لتداول الأوراق المالية، إيمان مرعي، إن حدود تأثر شركات الأسمدة المصرية بنقص إمدادات الغاز الطبيعي مرتبط بطول مدة الانقطاع، إذ أن اقتصار فترة وقف الإمدادات عند أسبوعين فقط سيجعل تأثر الشركات طفيفاً مقارنة باستمرار وقف الغاز طوال أشهر الصيف.
وأضافت مرعي لـ«إرم بزنس» أن شركات الأسمدة المصرية تعرضت لأزمة مشابهة العام المالي الماضي، لكنها لم تتأثر بشكل كبير نظراً لقصر مدة وقف إمدادات الغاز.
«إمدادات الغاز من إسرائيل انخفضت 20% مطلع العام الجاري، ومع ظروف الحرب الدائرة حالياً قد تطول فترة وقف الإمدادات، هذا الأمر يتطلب تنويع مصادر استيراد الغاز لتوفير احتياجات المصانع واستهلاك الكهرباء»، وفقاً لمرعي.
في ما يخص مقترح السماح للشركات باستيراد الغاز لتلبية احتياجاتها لفتت مرعي إلى أن توفير إمدادات الغاز سيحل جزءاً كبيراً من الأزمة الراهنة.
أثر إيجابي محتمل
أشارت مرعي إلى أن الظروف الراهنة من توترات في منطقة الشرق الأوسط قد تنعكس إيجاباً على قطاع الأسمدة، خصوصاً إذا تسببت الحرب الراهنة بأثر سلبي مثل غلق مضيق هرمز وعجز بسلاسل الإمداد؛ ما ينعكس بشكل رئيس على ارتفاع أسعار اليوريا.
«أغلب شركات الأسمدة في مصر سيكون لديها فرصة لزيادة عوائدها الدولارية من التصدير حال ارتفاع أسعار اليوريا في الأسواق العالمية، والتي انخفضت أسعارها بشكل واضح خلال الفترة الماضية»، بحسب مرعي.
استغلال التوقف للصيانة
بدأت بعض شركات الأسمدة المصرية في استغلال فترة التوقف لتنفيذ خطط صيانة، إذ أعلنت شركة «أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية»، أمس الأحد، بدء تنفيذ خطة صيانة مكثفة لمصانعها على مدار الساعة، وذلك لحين تحسن ظروف التشغيل.
وأوضحت الشركة في إفصاح لبورصة مصر، أن قرار بدء تنفيذ الخطة جاء بعد تأثر إمدادات الغاز الطبيعي للمصانع نتيجة لتداعيات الحرب بالشرق الأوسط.