قرار الدعم السكني يُحرك الطلب على الشقق الصغيرة في السعودية

من المتوقع أن يسهم قرار حديث صادر عن مجلس الوزراء السعودي بخفض سن الاستحقاق للدعم السكني لرب الأسرة من 25 إلى 20 عاماً في تعزيز نسب تملك المساكن بين المواطنين، لكن محللين حذروا من أن هذا الإجراء قد يزيد الضغط على شريحة تعاني أصلاً من نقص المعروض، وهي الوحدات السكنية الأصغر.
ويُتيح التعديل، الذي أُقر يوم الثلاثاء، استفادة نحو 1.75 مليون مواطن إضافي من البرامج الحكومية المدعومة لشراء المساكن، بما في ذلك برنامج «سكني»، الذي يقدم إعانات ومساعدات تمويلية للمواطنين الذين يشترون منازلهم الأولى، وهي فئة أساسية في جهود الحكومة لرفع معدلات التملك ضمن مستهدفات رؤية 2030.
وقال وزير البلديات والإسكان السعودي، ماجد الحقيل، في منشور على منصة «إكس»، إن هذه الخطوة «ستُسهم في تمكين المزيد من الأسر من الاستفادة من الخيارات السكنية والتمويلية المتنوعة، بما ينسجم مع مستهدفات برنامج الإسكان».
وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، تهدف الحكومة السعودية إلى رفع نسبة التملك السكني بين المواطنين إلى 70% بحلول عام 2030. وقد بلغت هذه النسبة العام الماضي 65.4%، مقارنةً بنحو 30% قبل عشر سنوات. ومع ذلك، تباطأ معدل النمو في السنوات الأخيرة بفعل الارتفاع الكبير في أسعار المساكن، ولا سيما في المدن الكبرى مثل الرياض.
فقد ارتفعت أسعار الشقق في العاصمة بنسبة 40% بين عامي 2020 و2024، متجاوزةً نمو الدخول، ما زاد من التحديات المرتبطة بقدرة المواطنين على تحمل تكاليف الشراء. وبحسب فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «نايت فرانك» (Knight Frank) للاستشارات العقارية، فإن هذا التفاوت بين نمو الدخل وأسعار المساكن بدأ يُضعف النشاط في سوق العقارات.
وقال دوراني: «الطلب موجود، لكن التحدي الذي نواجهه هو التباطؤ في وتيرة النشاط العقاري، وهو ناجم في الأساس عن الارتفاع الكبير في الأسعار خلال السنوات الأخيرة»، مضيفاً: «من الواضح أن الدخول لم تواكب هذا النمو».
كما بدأت وتيرة الطلب من المشترين لأول مرة في التراجع بسبب عاملين رئيسين. الأول هو ارتفاع أسعار المساكن بشكل ملحوظ، والثاني هو أن عدداً متزايداً من هؤلاء المشترين تمكنوا بالفعل من اقتناء منازلهم، ما أدى إلى انخفاض عدد الأشخاص الجدد الباحثين عن شراء المنزل الأول. بالتالي، يجري ملاحظة تباطؤ في نمو الطلب من الفئة التي تشتري لأول مرة، رغم استمرار وجود طلب عام في السوق.
إلا أن الضغوط تتركز بشكل خاص في مدينة الرياض، حيث تستمر الفرص الوظيفية في جذب الشباب من مناطق أخرى داخل المملكة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 250 ألف شاب سعودي انتقلوا إلى الرياض خلال السنوات الخمس الماضية، معظمهم من جدة ومدن أخرى، بحثاً عن فرص عمل وتحسين أوضاعهم الاقتصادية.
وقد أدى هذا الاتجاه إلى تفاقم الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة والميسورة مثل الاستوديوهات والشقق ذات الغرفة الواحدة، وهي الأنواع المفضلة لدى الشباب غير المتزوجين من العاملين في القطاعين الحكومي والخاص. إلا أن العرض في هذا القطاع لا يزال محدوداً.
وأوضح دوراني: «الشباب السعوديون غير المتزوجين سيبحثون عن وحدات أصغر، مثل الاستوديوهات، والشقق ذات الغرفة الواحدة، والمباني المُدارة بشكل مهني، وهذه الأنواع من المساكن نادرة جداً».
وتُقدّر شركة «نايت فرانك» أن المملكة بحاجة إلى بناء ما لا يقل عن 115 ألف وحدة سكنية سنوياً لتلبية الطلب. وتكمن الفجوة الأكبر حالياً في المساكن المصممة للأفراد، وهي الشريحة التي قد يؤدي تعديل السن المستهدف إلى زيادة الضغط عليها، رغم ما يتيحه من فرص أمام المطورين والمستثمرين المهتمين بهذا النوع من الوحدات.
وقال دوراني: «هذه الخطوة ستُعطي بالتأكيد دفعة إضافية للمطورين العقاريين، لكنها ستُركز الانتباه على الحاجة المتزايدة إلى الوحدات السكنية الصغيرة لتلبية هذا الطلب».