التعريفات تضر بالاقتصاد… هل ستتخلى اليابان عن بعض القرارات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

أظهرت البيانات من جديد مدى الضرر الواقع على الاقتصاد الياباني، الخامس في العالم، جراء حرب التعريفات، والتي ضربت النشاط الخدمي وقبله بيوم عصفت بنشاط التصنيع وفقا لبيانات مؤشر مديري المشتريات، ما قد يقود طوكيو إلى تقديم بعض التنازلات خلال مفاوضات تجارية جارية مع واشنطن.
في غضون ذلك أظهر مسح للقطاع الخاص الياباني اليوم الأربعاء أن نمو نشاط قطاع الخدمات في اليابان تباطأ في مايو بسبب ضعف الطلب، وهو ما لم يقدم الكثير للتخفيف من تراجع نشاط المصانع وأدى إلى نمو قريب من الصفر للأعمال التجارية بشكل عام في ثالث أكبر اقتصاد في آسيا بعد الصين والهند.
يذكر ان الاقتصاد الياباني تقهقر مرة جديدة في الترتيب العالمي بعدما سجل انكماشا كبيرا في الربع الأول لتتقدم الهند وتصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي بدلا من اليابان، وقبل هذا بعامين فقدت اليابان المركز الثالث لصالح ألمانيا.
تباطؤ كبير
◄ وفقا للبيانات التي صدرت صباح اليوم، عن مؤسسة «إس آند بي غلوبال» وبنك «أو جيبون»، انخفض مؤشر مديري المشتريات (PMI) لقطاع الخدمات الصادر في مايو إلى 51.0 نقطة، من 52.4 نقطة في أبريل.
◄ جاءت بيانات اليوم، أعلى من التوقعات البالغة 50.8 نقطة، علماً أن قراءة المؤشر فوق عتبة 50.0 تشير إلى معجلات النمو، بينما تشير قراءة أقل من ذلك إلى انكماش.
◄ في بداية الاسبوع اظهرت البيانات انكماش النشاط الصناعي في اليابان بأبطأ وتيرة خلال خمسة أشهر، مع ارتفاع ثقة الأعمال خلال العام المقبل، بعدما سجلت في أبريل أدنى مستوى خلال 5 سنوات، مع تحسن التوقعات بشأن الإنتاج المستقبلي.
◄ كشفت بيانات مسح لـ«ستاندرد آند بورز غلوبال»، ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 49.4 نقطة في مايو من 48.7 نقطة في أبريل، ما يعني انكماش نشاط القطاع للشهر الحادي عشر على التوالي، لكنه أفضل من القراءة الأولية البالغة 49 نقطة.
صعوبة في التعافي
أدى التباطؤ في قطاع الخدمات، إلى جانب الانخفاض المستمر في قطاع التصنيع، إلى ركود النشاط الإجمالي للقطاع الخاص مع انخفاض مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 50.2 في مايو من 51.2 في أبريل.
كتبت آنا بيل فيديس، المديرة المساعدة للاقتصاد لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس» في التقرير الذي نشر اليوم: «صورة الطلب الأضعف تشير إلى أن القطاع الخاص قد يواجه صعوبة في التعافي في الأمد القريب، وقد يترجم ذلك إلى توظيف أكثر حذراً للموظفين في الأشهر المقبلة».
الأسوأ منذ نوفمبر
◄ أظهر المسح أن نمو الأعمال الجديدة في قطاع الخدمات تباطأ إلى أبطأ وتيرة له منذ نوفمبر، في حين سجل نمو التوظيف في الخدمات أضعف معدل منذ ديسمبر 2023، وفقا لبيانات مؤسسة «إس آند بي غلوبال» وبنك «أو جيبون».
◄ ارتفعت ثقة مديري قطاع الخدمات في توقعاتهم المستقبلية إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر في مايومن أدنى مستوى في أربع سنوات في أبريل، لكن المستوى العام ظل أضعف من المتوسط بعد الوباء، وفقا للمسح.
تتبع المخاوف
قالت آنا بيل فيديس، المديرة المساعدة للاقتصاد لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، التي جمعت الاستطلاع: «غالباً ما تنبع المخاوف بشأن التوقعات من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي في المستقبل، فضلاً عن نقص العمالة وارتفاع التكاليف».
أضافت فيديس: «تم تسليط الضوء على هذا الأخير من خلال زيادة حادة أخرى في أسعار المدخلات، ما يشير إلى أن بيانات التضخم الرسمية ستظل قوية».
ارتفاع التكاليف
تراجع معدل التضخم في أسعار المدخلات من أعلى مستوى له في 26 شهرا في أبريل، لكنه ظل مرتفعا، حيث أشار المديرون إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة والنقل، ما دفع مقدمي الخدمات إلى مواصلة رفع أسعار الإنتاج بما يتماشى تقريبا مع وتيرة أبريل.
بينما أشارت الشركات إلى أن ضعف الطلب العالمي، المتأثر بالرسوم الجمركية الأميركية وزيادة تردد العملاء، أثر سلبا على الطلبيات الجديدة وجداول الإنتاج، ومع ذلك، كانت هناك مؤشرات أولية على تحسن محتمل في أداء القطاع خلال العام المقبل، حيث تعززت الثقة بشأن الإنتاج المستقبلي.
في حين سعت الشركات إلى دعم قدراتها تحسبا لتحسن ظروف الطلب العالمي، كما تراجعت الضغوط التضخمية، حيث تباطأ معدل تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج وأسعار البيع إلى أدنى مستوياتهما في 14 شهرًا و47 شهرا على التوالي.
تفاوض متعثر
يدرس رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا زيارة واشنطن للقاء بالرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل قمة مجموعة السبع المقررة في منتصف الشهر، وذلك في إطار مساعيه للتوصل إلى اتفاق تجاري.
في الوقت ذاته هناك مؤشرات على إحراز تقدم بشأن تخفيف الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب وذلك بعد زيارات متكررة قام بها وزير الاقتصاد ريوسي أكازاوا، وهو أيضا كبير المفاوضين اليابانيين بشأن الرسوم الجمركية، مشيرين إلى أن الجانب الأميركي أبدى اهتماما كبيرا بمقترحات اليابان.
ومن المرجح أن يعود أكازاوا إلى واشنطن لإجراء المزيد من المحادثات أواخر الأسبوع الجاري وبعد ذلك سيتم اتخاذ قرار بشأن زيارة إيشيبا للولايات المتحدة.
يأتي ذلك بينما تواجه اليابان، وهي حليف وثيق لواشنطن، رسوما جمركية بنسبة 24% اعتبارا من الشهر المقبل ما لم تتمكن من إبرام اتفاق ثنائي.
كما تسعى جاهدة لإقناع واشنطن بإعفاء شركاتها المصنعة للسيارات، التي تمثل أكبر قطاع صناعي في البلاد، من الرسوم الجمركية البالغة 25% على السيارات.