حرب التعريفات: من المستفيد ومن يتحمل الأعباء في الصين؟

حرب التعريفات: من المستفيد ومن يتحمل الأعباء في الصين؟

بينما بدأت المؤشرات الاقتصادية الأميركية تبدي علامات الضعف والوهن، أظهرت الأرقام الصينية انقساما بين قوة قطاع الخدمات وضعف قطاع التصنيع، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في الصين، وتراجع قطاع التصنيع مع دراسة بكين لمسار التجارة والتحفيز والمفاوضات التجارية.

وفقا لأحدث البيانات التي صدرت صباح اليوم الخميس، ارتفع مؤشر «كايكسين» لمديري المشتريات في قطاع الخدمات الصيني من 50.7 في أبريل إلى 51.1 في مايو، متجاوزا التوقعات قليلا والتي رجحت تسجيل 51 نقطة فقط.

تلقت بكين بيانات صادمة الأسبوع الجاري، تحت وطأة تأثر مفاجئ وغير متوقع لحرب التعريفات الجمركية والرسوم التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع أبريل الماضي، لتدفع نشاط التصنيع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى أسرع انكماش في أنحو 33 شهرا.

في المقابل أظهر تقرير التوظيف الصادر عن مؤسسة «إيه دي بي» للأبحاث أمس الأربعاء في الولايات المتحدة أن أرباب العمل وظفوا أقل عدد من العاملين منذ مارس 2023 بينما انكمش قطاع الخدمات للمرة الأولى منذ نحو عام، في إشارة إلى التأثر  بحرب التعريفات الجمركية.

أهم المؤشرات

◄ عزز نمو الأعمال الجديدة نشاط قطاع الخدمات على الرغم من انخفاض أعمال التصدير الجديدة للمرة الأولى في عام 2025.

◄ ازدادت شركات تقديم الخدمات مستويات التوظيف في شهر مايو، ما أنهى شهرين من تخفيضات الوظائف.

◄ أدى ارتفاع أسعار الشراء ونمو الأجور إلى ارتفاع متوسط ​​أسعار المدخلات، على الرغم من انخفاض أسعار البيع للشهر الرابع.

سوق العمل

قال وانغ تشي، الخبير الاقتصادي البارز في مجموعة «كايكسين إنسايت» تعليقا على استطلاع شهر مايو: «اتسع نطاق التوظيف، وأنهت سوق العمل سلسلة انكماش استمرت شهرين، مسجلاً نموا متواضعا في مايو، حيث وصل المؤشر المقابل إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر».

أضاف الخبير الاقتصادي لدى «كايكسين إنسايت»: «واصلت بعض الشركات خفض أعداد الموظفين لضبط التكاليف، بينما وظفت شركات أخرى المزيد من العمال استجابةً للطلب المتزايد على الخدمات».

تضارب البيانات

◄ في حين تحسّن نشاط قطاع الخدمات، رسمت بيانات قطاع التصنيع في الصين صورةً أكثر قتامة، فقد انخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي من «كايكسين» إلى 48.3 في مايو، من 50.4 في أبريل.

◄ انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى ما دون مستوى 50 المحايد، مسجلاً أدنى مستوى له منذ الربع الثالث من عام 2022، مع انخفاض الطلبات الجديدة بأسرع وتيرة لها في أكثر من عامين ونصف.

◄ أثر ضعف الطلب الخارجي على سوق العمل، ما قد يُضعف آثار إجراءات التحفيز التي اتخذتها بكين والتي تستهدف استهلاك الأسر.

المؤشر المركب

◄ طغى تراجع نشاط التصنيع على انتعاش قطاع الخدمات، ليسجل مؤشر «كايكسين» المركب 49.6 نقطة في مايو، منخفضًا من 51.1 نقطة في أبريل. 

◄ انخفض إنتاج القطاع الخاص للمرة الأولى منذ ديسمبر 2022، مع انخفاض طفيف في التوظيف، يأتي ذلك بينما، تتطلع الأسواق تتطلع إلى السلطات في بكين للحصول على التحفيز على مزيد من المحفزات.

وتفاعل المستثمرون مع بيانات مؤشر مديري المشتريات المختلطة مع عودة التركيز إلى عناوين التجارة بين الولايات المتحدة والصين.

اتصال مرتقب

تترقب الأسواق الآن تواصل الزعيمين الصيني والأميركي، إذ أعلنت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أن ترامب يعتزم إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع الجاري، من أجل تسوية الخلافات التجارية بين البلدين.

كان آخر اتصال هاتفي بين ترامب وشي في يناير، قبيل أداء الرئيس الأميركي اليمين الدستورية لولايته الثانية

في الأسابيع القليلة الماضية، أكد ترامب رغبته في التحدث مع شي والجلوس معه على طاولة مفاوضات واحدة، إلا أن الصين لم تكن ترفض وفي الوقت ذاته كانت تشترط أن تبدي واشنطن حسن نيتها في ما يتعلق بإلغاء التعريفات. 

خطة التحفيز

أطلق صانعو السياسات الصينيون مجموعة واسعة من التدابير الرامية إلى تحفيز الاستهلاك، ودعم الشركات المتضررة من الرسوم الجمركية وتعزيز التوظيف.

في مايو، خفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 10 نقاط أساس، وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي (RRR) بمقدار 50 نقطة أساس، ما قلل حجم السيولة النقدية التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها كاحتياطي، وعزز السيولة في الاقتصاد.

تأتي هذه الخطوات على خلفية الضغوط الانكماشية المستمرة في الصين، مع استمرار تباطؤ سوق الإسكان وانعدام الأمن الوظيفي ما يعوق الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي.

ضربة مزدوجة

كتب تينغ لو كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك «نومورا» اليوم في مذكرة: «بكين ستضطر إلى التعامل مع ضربة مزدوجة تتمثل في ركود سوق العقارات المطول والحرب التجارية المستمرة».

وتوقع تينغ لو أن تتخذ بكين خطوات أكثر جرأة لوقف الركود في قطاع العقارات وتعزيز الاستهلاك.

كما قال «مع تحول ما كان في السابق محركي النمو الرئيسيين، العقارات والصادرات، إلى عاملين يعيقان النمو، فقد تضطر بكين في النهاية إلى دعم الاستهلاك بطريقة أكثر استدامة من خلال اتخاذ خطوات أكثر واقعية لإصلاح نظام التقاعد وتوفير إعانات المواليد».